عزوجل (فَذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الْحَقُ). (١)
وتارة اخرى يطلق على الاعتقاد الذي يطابق الواقع كما في قوله تعالى : (فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِ). (٢)
ومرّة يقال للقول والعمل الذي يتحقّق في الوقت المناسب كما في قوله تعالى : (حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ). (٣)
وعلى ايّة الحال فمقابل «الحقّ» الباطل والضلال واللعب وأمثالهما.
لكنّ الآية التي نحن بصددها تشير الى المعنى الاوّل ، وهو إنشاء عالم الخلق. حيث توضّح السّماء والأرض انّ في الهدف من خلقها الحكمة والنظام والحساب. فالله تعالى ليس محتاجا في خلقها ولا ناقصا لكي يسدّ نقصه بها ، بل هو الغني عن كلّ شيء ، وهذا العالم الواسع دار لنمو المخلوقات وتكاملها.
ثمّ يضيف : انّ الدليل في عدم الحاجة إليكم ولا الى ايمانكم هو : (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ).
وهذا العمل ليس صعبا عند الله (وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ).
والشاهد على هذا القول في سورة النساء (وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللهُ غَنِيًّا حَمِيداً ... إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكانَ اللهُ عَلى ذلِكَ قَدِيراً). (٤) وهذا التّفسير بخصوص الآية أعلاه منقول عن ابن عبّاس.
وهناك احتمال آخر ، وهو انّ الجملة أعلاه تشير الى مسألة المعاد وانّ الله قادرا على ان يفني جميع الناس ويأت بخلق آخر ، فهل تشكّون في مسألة المعاد وبعثكم من جديد؟
* * *
__________________
(١) يونس ، ٣٢.
(٢) البقرة ، ٢١٣.
(٣) السجدة ، ١٣.
(٤) النساء ، ١٣١ الى ١٣٣.