ومن البديهي انّ مثل هذه الشجرة ليس لها اصل ، ولا نمو ولا تكامل ولا ثمار ولا ظلّ ولا ثبات ولا استقرار ، بل هي قطعة خشبيّة لا تصلح الّا للاشتعال ... بل اكثر من ذلك هي قاطعة للطريق وتزاحم السائرين وأحيانا تؤذي الناس!
ومن الطريف انّ القرآن الكريم فصل الحديث في وصف الشجرة الطيّبة بينما اكتفى في وصف الشجرة الخبيثة بجملة قصيرة واحدة (اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ) ، وهذا نوع من لطافة البيان ان يتابع الإنسان جميع خصوصيات ذكر «المحبوب» بينما يمرّ بسرعة في جملة واحدة بذكر «المبغوض»!
ومرّة اخرى نجد المفسّرين اختلفوا في تفسير الشجرة الخبيثة ، وهل لها واقع خارجي؟
قال البعض : انّها شجرة «الحنظل» والتي لها ثمار مرّة ورديئة.
واعتقد آخرون انّها «الكشوت» وهي نوع من الاعشاب المعقّدة التي تنبت في الصحراء ولها اشواك قصيرة تلتفّ حولها وليس لها جذر ولا أوراق.
وكما قلنا في تفسير الشجرة الطيّبة ، ليس من اللازم ان يكون للشجرة الخبيثة وجود خارجي في جميع صفاتها ، بل الهدف هو تجسيم الوجه الحقيقي لكلمة الشرك والبرامج المنحرفة والناس الخبثاء ، وهؤلاء كالشجرة الخبيثة ليس لها ثمار ولا فائدة ... الّا المتاعب والمشاكل. مضافا الى انّ الأشجار والنّباتات الخبيثة التي قلعتها الأعاصير ليست قليلة.
وبما انّ الآيات السابقة جسّدت حال الايمان والكفر ، الطيّب والخبيث من خلال مثالين صريحين ، فإنّ الآية الاخيرة تبحث نتيجة عملهم ومصيرهم النهائي ، يقول تعالى : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) لانّ ايمانهم لم يكن ايمانا سطحيا وشخصيتهم لم تكن كاذبة ومتلوّنة ، بل كانت شجرة طيّبة أصلها ثابت وفرعها في السّماء ، وبما انّ ليس هناك من لا يحتاج الى اللطف الالهي ، وبعبارة اخرى : كلّ المواهب تعود لذاته المقدّسة ، فالمؤمنون