وحيث انّ هذا قانون كلّي وعام فإنّ القرآن يقول مباشرة (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ).
لانّ الدنيا لا تعدّ شيئا إزاء الآخرة ، وجميع ما في الدنيا حقير حتى ثوابها وعقابها ، والعالم الآخر أوسع ـ من جميع النواحي ـ من هذه الدنيا. فالمؤمنين بيوم القيامة يعتبرون لدى مشاهدة واحد من هذه المثل والنماذج في الدنيا ، ويواصلون طريقهم.
وفي ختام الآية اشارة الى وصفين من أوصاف يوم القيامة حيث يقول القرآن (ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ).
هي اشارة الى انّ القوانين والسنن الالهية كما هي عامّة في هذا العالم ، فإنّ اجتماع الناس في تلك المحكمة الالهية ايضا عام ، وسيكون في زمان واحد ويوم مشهود للجميع يحضره الناس كلّهم ويرونه.
من الطريف هنا انّ الآية تقول (ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ) ولم تقل «مجموع فيه الناس» وهذا التعبير اشارة الى انّ يوم القيامة ليس ظرفا لاجتماع الناس فحسب ، بل هو هدف يمضي اليه الناس في مسيرهم التكاملي.
ونقرا في الآية (٩) من سورة التغابن (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ).
وبما انّ البعض قد يتوهم انّ الحديث عن ذلك اليوم لم يحن اجله فهو نسيئة وغير معلوم وقت حلوله ، لهذا فإنّ القرآن يقول مباشرة : (وَما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ).
وذلك ايضا لمصلحة واضحة جليّة ليرى الناس ميادين الاختبار والتعلم ، وليتجلى آخر منهج للأنبياء وتظهر آخر حلقة للتكامل الذي يمكن لهذا العالم ان يستوعبها ثمّ تكون النهاية.
والتعبير بكلمة «معدود» اشارة الى قرب يوم القيامة ، لانّ كل شيء يقع تحت