الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ* ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ* انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ).
فعلى هذا ، من المستحسن ان يجاب على السؤال المتعلق بتناقض ظواهر الآيات حول التكلم بما ذكره كثير من المفسّرين ، وهو انّ الناس يقطعون في ذلك اليوم مراحل مختلفة ... وكل مرحلة لها خصوصياتها ، ففي قسم من المراحل لا يسألون ابدا حتى انّ أفواههم يختم عليها فلا يتكلمون ، وانّما تنطق أعضاء أجسادهم التي حفظت آثار اعمالها بلغة من دون لسان ، وفي المراحل الاخرى يرفع الختم او القفل عن أفواههم ويتكلمون بإذن الله فيعترفون بأخطائهم وذنوبهم ويلوم المخطئون بعضهم بعضا ، بل يحاولون ان يلقوا تبعات أوزارهم على غيرهم.
ويشار في نهاية الآية الى تقسيم الناس جميعا الى طائفتين : طائفة محفوظة ، واخرى بائسة تعيسة (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ).
و «السعيد» مشتق من مادة «السعادة» ومعناها توفر اسباب النعمة.
و «الشقي» مشتق من مادة «الشقاء» ومعناه توفر اسباب البلاء والمحنة.
فالسعداء ـ إذا ـ هم الصالحون الذين يتمتعون بأنواع النعم في الجنّة والاشقياءهم المسيئون الذين هم يتقلبون في انواع العذاب والعقاب في جهنم.
وليس هذا الشقاء ـ على كل حال ـ وتلك السعادة سوى نتيجة الأعمال والأقوال والنيّات التي سلفت من الإنسان في الدنيا.
والعجيب ان بعض المفسّرين يتخذون هذه الآية ذريعة لعقيدتهم الباطلة في مجال الجبر ، في حين انّ الآية ليس فيها اقلّ دليل على هذا المعنى ، بل هي تتحدث عن السعداء والأشقياء في يوم القيامة وانهم وصلوا جميعا بأعمالهم الى هذه المرحلة ، ولعلهم توهموا هذه النتيجة من هذه الآية بالخلط بينها وبين بعض الأحاديث التي تتكلم عن شقاء الإنسان او سعادته وهو في بطن امّه قبل الولادة ،