ومن مجموع ما بيناه نستنتج ما يلي :
حين يكون الجزاء والثواب نتيجة وأثرا لعمل المرء نفسه ، فإنّ مسألة المساواة من حيث الكمية والكيفية لا تؤخذ بنظر الاعتبار. فما اكثر ما يكون العمل صغيرا في الظاهر ، ولكنه يحوّل حياة الإنسان الى جحيم وعذاب والم طيلة العمر ، وكذلك ما اكثر ما يكون العمل صغيرا في الظاهر ، ولكنّه يكون سببا للخيرات والبركات طيلة عمر الإنسان!
ينبغي ان لا يتوهم انّ المقصود من صغر العمل (من حيث مقدار الزمان) لانّ الأعمال والذنوب الداعية الى خلود الإنسان في العذاب ليست صغيرة من حيث الاهمية والكيفيّة.
فعلى هذا حين يحيط الذنب والكفر والطغيان والعناد بوجود الإنسان ويحرق جميع أجنحته وريشه وروحه في نار ظلمه ونفاقه ، فأي مكان للعجب ان يحرم في الدار الآخرة من التحليق في سماء الجنّة وان يكون مبتلى هناك بالعذاب والبلاء.
ترى امّا حذّروه وأبلغوه وانذروه من هذا الخطر الكبير؟!
اجل فأنبياء الله من جهة ، وما يأمره العقل من جهة اخرى ... جميعا حذروه بما يلزم ، فهل كان ما اقدم عليه من دون اختياره فلقي هذا المصير ، ام كان عن علم وعمد واختيار؟ الحقيقة هو انّه كان عالما عامدا.
وكانت نفسه ونتيجة اعماله المباشرة قد ساقته الى هذا المصير؟! بل انّ كل ما حدث له فهو من آثار اعماله!
فلهذا لم يبق مجال للشكوى ، ولا إيراد او اشكال مع احد ، ولا منافاة مع قانون عدالة الله سبحانه.