(٨٤) : (فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
والآن وبعد ان اتّضحت مقدمات هذه الأصول ، فإنّ الحل النهائي لهذا الاشكال لم يعد بعيدا ، ويكفي للوصول اليه ان نجيب على الاسئلة التالية.
ولنفرض انّ شخصا يبتلى بالقرحة المعدية نظرا لادمانه على المشروبات الكحولية لمدّة سبعة ايّام تباعا ، فيكون مجبورا على تحمل الألم والأذى الى آخر عمره ، ترى هل هذه المعادلة بين هذا العمل السيء ونتيجته مخالفة للعدالة؟! ولو كان عمر هذا الإنسان (مكان الثمانين سنة) الف سنة او مليون سنة ، ولأجل نزوته النفسية بشرب الخمر أسبوعا يتألم طول عمره ، ترى هل هذا التألم لمليون سنة ـ مثلا ـ مخالف لاصل العدالة ... في حين انّه ابلغ حال شرب الخمر بوجود هذا الخطر واعلم بنتيجته؟
ولنفرض ايضا انّ سائق ، سيارة لا يلتزم بأوامر المرور ومقرراته ، والالتزام بها ينفع الجميع قطعا ويقلل من الحوادث المؤسفة ، لكنه يتجاهلها ولا يصغي لتحذير اصدقائه ... وفي لحظة قصيرة تقع له حادثة ـ وكل الحوادث تقع في لحظه ـ ويفقد بذلك عينه او يده اورجله في هذه اللحظة. ونتيجة لما وقع يعاني الألم سنين طويلة لفقده البصر او اليد او الرجل ، فهل تتنافى هذه الظاهرة فيه مع اصل عدالة الله؟!
ونأتي هنا بمثال آخر ـ والامثلة تقرب الحقائق العقليّة الى الذهن وتهيّؤ لنيل النتيجة النهائية ـ فلنفرض اننا نثرنا على الأرض عدة غرامات من بذور الشوك ، وبعد عدّة أشهر او عدة سنوات نواجه صحراء مليئة بالشوك الذي يدمي أقدامنا وعلى العكس ننثر بذور الزهور ـ مع اطلاعنا ـ ولا تمرّ فترة حتى نواجه خميلة مليئة بالازهار العطرة ، فهي تعطرنا وتنعش قلوبنا ، فهل في هذه الأمور التي هي آثار لأعمالنا منافاة لاصل العدالة في حين انّه لا مساواة بين كمية هذا العمل ونتيجته؟