وفي الجواب على هذا السؤال أجيب ـ ايضا ـ بأنّ المؤمنين المذنبين يدخلون النّار اوّلا ليتطهروا من الذنوب ، ثمّ يلتحقون بصفوف اهل الجنّة.
فإنّ الاستثناء في الجملة الاولى هو بالنسبة لآخر الأمر ... وفي الجملة الثّانية لاوّل مرّة (فلاحظوا بدقّة).
ويحتمل في الجواب على السؤال الآنف الذكر انّ الاستثناء في الجملة الاولى اشارة الى المؤمنين المذنبين الذين يعتقون من النّار بعد مدة ، والاستثناء في الجملة الثّانية اشارة الى قدرة الله سبحانه ، والشاهد على هذا الكلام ورود قوله تعالى (إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) في الجملة الاولى بعد الاستثناء ، ليدل على تحقق المشيئة الالهية ، وفي الجملة الثّانية ورد قوله تعالى : (عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) ليدل على الابديّة (فتدبّر).
وقد احتمل البعض ان يكون العقاب والثواب متعلقان بحياة البرزخ «النعيم في البرزخ او الشقاء في البرزخ» التي تكون محدودة المدّة ولا بدّ ان تنتهي ، ولكنّه احتمال بعيد جدّا ، لانّ الآيات المتقدمة تتحدث عن يوم القيامة بصراحة ، وعلاقة هذه الآيات بتلك الآيات علاقة لا تقبل الانفكاك.
كما انّ احتمال كون الخلود هنا بمعنى المدّة الطويلة ـ كما هو في بعض آيات القرآن الاخرى ، وليس هو البقاء الدائم الابدي ـ لا ينسجم مع قوله تعالى : (عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) ولا مع الاستثناء نفسه الذي يدل على الابدية في الجمل السابقة.
٦ ـ تقول الآيات المتقدمة في شأن اهل النّار : (لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) وقد احتمل اهل اللغة والمفسّرون في معنى هاتين الكلمتين «الزفير والشهيق» احتمالات متعددة :
١ ـ فقال البعض : المراد بـ «الزفير» هو الصراخ المصطحب بإخراج النفس الى الخارج ، وامّا «الشهيق» فهو الأنين المقترن بسحب الهواء الى داخل الرئة.