وعلى كل حال فإنّ هذا الاحتمال في الآية يبدو بعيدا جدّا.
ثمّ تضيف الآية انّ إسحاق سيعقبه ولد من صلبه اسمه يعقوب : (فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ).
الواقع انّ الملائكة بشّروها بالولد وبالحفيد ، فالاوّل إسحاق والثّاني يعقوب ، وكلاهما من أنبياء الله.
ومع التفات «سارة» امراة ابراهيم الى كبر سنّها وسن زوجها فإنّها كانت آيسة من الولد بشدّة ، فاستنكرت بصوت عال متعجبة من هذا الأمر و (قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ).
وكان الحق معها ، لانّه طبقا للآية (٢٩) من سورة الذاريات ، فإنّها كانت في شبابها عاقرا ، وحين بشرت بالولد كان عمرها ـ كما يقول المفسّرون وتذكره التوراة في سفر التكوين ـ تسعين عاما او اكثر ، امّا زوجها ابراهيم عليهالسلام فكان عمره مائة عام او اكثر.
وهنا ينقدح سؤال وهو : لم استدلت سارة على عدم الانجاب بكبر سنّها وكبر سنّ زوجها ، في حين اننا نعلم انّ النساء عادة يصبحن آيسات بعد الخمسين لانقطاع «الحيض» او «العادة» واحتمال الانجاب في هذه المرحلة بالنسبة لهنّ ضعيف ، امّا الرجال فقد أثبتت التجارب الطبيعية انّهم قادرون على الانجاب لسنين أطول ...؟
والجواب على هذا السؤال واضح : فإنّ الرجال وان كانوا قادرين على الانجاب ، ولكن يضعف احتماله كلما طعنوا في السنّ ولذا فطبقا للآية (٥٤) من سورة الحجر نجد ابراهيم نفسه متعجبا من هذه البشرى لكبر سنّه ، أضف الى ذلك فإنّ سارة من الناحية النفسية لعلها لم تكن في الانفراد بهذه المشكلة (العقم) وأرادت اقحام زوجها معها.
وعلى كل حال فإنّ رسل الله أزالوا التعجب عنها فورا وذكّروها بنعم الله «الخارقة للعادة» عليها وعلى أسرتها ونجاتهم من الحوادث الجمة ، فالتفتوا إليها