طعنات نافذة وقتل من جواريه ثلاثة وحلّ بالأرض فاجتمعت عليه عبيده وباقي جيشه وتراجع المسلمون فدفعوا عنه العدو وهزموه وفتحوا البلد عنوة وقتل من العدو ما يزيد على العشرة آلاف ومن المسلمين جماعة ولاح الأمن للأمير فركب ورحل وضل الناس فاهتدوا بالطبول وساروا لإشبيلية. قال ابن مطروح القيسي في تاريخه فاشتدّ بالأمير ألمه ومات بالطريق قرب الجزيرة قاصدا مراكش يوم السبت ثاني عشر ربيع الثاني سنة ثمانين وخمسمائة (١) عن نحو الست وخمسين سنة بعد ما ملك اثنين وعشرين سنة وشهرا وستة أيام فحمل لتنمليل ودفن بجانب قبر أبيه ، وقيل مات بمراكش. قال اليافعي في تاريخه : وكان يحفظ أحد الصحيحين ، وذكر الحافظ اللواتي الشهير بابن بطوطة الطبخي في رحلته التي اسمها : تحفة النظار ، وغرائب الأمصار ، وعجائب الأسفار ، أنه يحكى أن يوسف بن عبد المؤمن دخل دمشق فمرض بها شديدا مطروحا بالأسواق وبعد برءه ، (كذا) خرج لظاهر دمشق / ليلتمس بستانا يحرسه فاستؤجر لحراسة بستان (ص ٧٩) الملك نور الدين وأقام ستة أشهر وفي أوان الفاكهة جاء السلطان لبستانه وأمر أن يؤتى له برمان يأكله فأوتي به فوجده حامضا وتكرر ذلك فقال له الوكيل أنت في حراسة منذ ستة أشهر ولا تعرف حلوه من حامضه فقال استأجرتني على الحراسة لا على الأكل فأعلم الوكيل الملك بذلك فبعث له وكان الملك رأى في المنام أنه يجتمع به وتحصل له منه فائدة فتفرّس أنه هو وقال له أنت يوسف قال نعم فقام له وعانقه وأجلسه بحانبه واحتمله لمجلسه وأضافه (كذا) بحلال مكتسب من كدّ يمينه لأنه من الصالحين كان ينسج الحصر ويقتات بثمنها فبقي عنده أياما ثم خرج من دمشق فارّا من أوان البرد الشديد فأتى قرية من قراها وبها رجل من الضعفاء فعرضه للنزول ففعل وأتاه بمرقة ودجاجة مطبوخة وخبز شعير فأكل ودعا له. وله جملة أولاد منهم بنت ، آن بناء زوجها بها وعادتهم أن يجهّزها أبوها ومعظم الجهاز أواني النحاس به يتفاخرون ويتبايعون فقال له أعندك النحاس قال بلى إني اشتريته كثيرا لتجهيز البنت فأمره أن يأتيه به فأتاه وقال له استعر من الجيران ما أمكنك ففعل وأحضره وأوقد عليه النار وأخرج صرة فيها الأكسير
__________________
(١) الموافق ٢٣ جويلية ١١٨٤ م.