قتلا وسبيا وانهزم الفنش (١) وفتح الحصن عنوة تلك السنة وكان جملة القتلى ثلاثين ألفا والأسارى (كذا) خمسة آلاف. وجال بالقتل والسبي والتخريب إلى إشبيلية فدخلها وبنا (كذا) جامعها الأعظم ومنارته فكان بين غزوة الزلاقة والأرك مائة واثنا عشر سنة وفتح كثيرا من مدن الأندلس وحصنيه وبنا (كذا) مراكش ورباط الفتح وجامع حسان ومنارته حال جوازه للأندلس ثم رجع لمراكش سنة أربع وتسعين منه (٢) وأخذ البيعة لابنه الناصر فبدأه مرض موته ولما اشتدّ به قال ندمت على ثلاث مسائل وهي إدخالي عرب إفريقية للمغرب وهم أهل فساد ، وبنائي رباط الفتح وهو بعيد لا يعمر ، وإطلاقي أسارى الأرك ولا بد لهم من طلب الثأر ، وتوفي رحمهالله بعد صلاة العشاء من ليلة الجمعة ثاني عشرين من ربيع الأول سنة خمس وتسعين وخمسمائة (٣) بقصبة مراكش وحمل لتنمليل فدفن بها وهو ابن أربعين سنة بعد ما ملك أربعة عشر سنة وإحدى عشر شهرا وأربعة أيام. قال أبو الفدا صاحب حماة وكان يتظاهر بمذهب الظاهرية وأعرض عن مذهب مالك. قال اليافعي في تاريخه ويحكى أنه زهد في الملك وساح إلى أن مات بالشام لأني سمعت ممن لا أشك فيه أن جمعا من شيوخ / المغاربة تذاكروا (ص ٨٢) رسالة القشيري وما فيها من مشايخ المشارقة ومناقبهم فرأوا معارضته برسالة فيها مناقب شيوخ المغاربة ثم تذاكروا أن في القشيرية من زهد في الملك من المشارقة وهو ابن أدهم فلم يجدوا ذلك في شيوخ المغرب وقالوا لا يتم إلّا بذكر ملك زهد في الملك فجاء الشيخ الكبير أبو إبراهيم إلى يعقوب المنصور فسرّ به وأعطاه جوهرا نفيسا فالتفت الشيخ أبو إبراهيم إلى شجرة هناك ونظرها فإذا هي حاملة جوهرا يدهش منه العقول فعلم السلطان ما أكرم الله به أولياءه غنى صارت ملوك الدنيا بين أيديهم كالخدم ، وملكهم
حقير كالعدم ، فعندها أحقر يعقوب الملك وزهد فيه وصار من أكابر الأولياء. قال الحافظ أبو راس في عجائب الأخبار ، وما يقال أنه ساح في الأرض وترك الملك زهدا ووصل إلى الشام وقبره
__________________
(١) يقصد الفونسو قائد النصارى الإسبان.
(٢) الموافق ١١٩٧ ـ ١١٩٨ م.
(٣) الموافق ١٢ جانفي ١١٩٩ م.