جدّ البتر ومن ولده جميع زناتة فبمكث برّ بالبربر تغير لسانه وأورث في ذريته فهذا هو السبب وقالت في ذلك أخته ترثيه :
وشاطت ببرّ داره عن بلاده |
|
واطرح برّ نفسه حيث يمّما |
وأورث برّ لكنة أعجميّة |
|
وما كان برّ بالحجاز بأعجما |
/ وقال أبو فارس في أرجوزته نظم السلوك :
فجاورت زناتة البرابرا |
|
فصيرت كلامهم كما ترا |
وما بدّل الدهر سوى أقوالهم |
|
ولم يبدّل منتهى أحوالهم |
بل فعلهم أربى على فعل العرب |
|
في الحال والآثار ثم في الأدب |
فانظر كلام العرب قد تبدّلا |
|
وحالهم عن حاله تحوّلا |
لا يعرفون اليوم ما الكلام |
|
وما لهم نطق ولا إفهام |
وإن تمادت بهم الأحوال |
|
لم يبق في الدهر لهم أقوال |
كذاك كانت قبلهم مرين |
|
كلامهم كالدّرّ إذ يبين |
فاتخذوا سواهم خليلا |
|
وبدّلوا كلامهم تبديلا |
وأصل مواطنهم كاخوتهم بني لومى ومديونة ، قبلة زاب إفريقية ثم دخلوا المغرب سنة تسع وستمائة (١) فنزلوا من فقيق إلى تفلالت إلى ملوية. وكانت بين بني لومى هؤلاء وبين بني مانّوا حروب عظيمة هلك فيها ماخوخ الزناتي صاحب الخيمة المشهورة التي آثارها للآن ببلاد أولاد علي من بني عامر في أواخر المائة الخامسة وكان بنوا لومى يمدون بني مرين بالجيوش وسبب مصير الملك إليهم أنهم كانوا ببلادهم المذكورة رائسهم (كذا) محمد بن ورزين. ثم قام ابنه حمامة مقامه ثم أخوه عسكر ثم ابنه المخضّب ولما سمعوا بعبد المؤمن بن علي الموحّدي غزى (كذا) وهران واستولى على أموال لمتونة وبعث بها لتنمليل تعرّضوا له من الزّاب مغلغلين إلى وادي تلاغ فاستولوا / عليها به ثم لحقهم (ص ١٠٧) الموحدون ومعهم بنوا عبد الوادي فكان المصاف بفحص حسّون وانكشف المرينيون وقتل شيخهم المخضب واكتسح العبد الواديّون حللهم سنة أربعين من
__________________
(١) الموافق ١٢١٢ ـ ١٢١٣ م.