السادس (١) فلحقوا بالصحراء وركد ريحهم إلى سنة عشرة من السابع (٢) في وقت المنتصر الموحدي وكان صبيّا صغيرا لا يعرف شيئا أتوا على عادتهم للكيل فوجدوا الغرب لا حياة فيه لمن تنادي فأقاموا بمكانهم وبعثوا لإخوانهم على القدوم فأسرعوا على الخيل والنجائب ، يقطعون المهامة والسّباسب يريدون الدنو والبلاغ ، إلى أن وصلوا لوادي تلاغ ، فدخلوا المغرب بجيش كالجراد يقمع الحاضر والباد ، فظهر ما كان في الغيب مجهولا ليقضي الله أمرا كان مفعولا. قال أبو فارس في أرجوزته :
في عام عشرة وستمائة |
|
أتوا إلى الغرب من البريّة |
جاؤوا من الصحراء والسباسب |
|
على ظهور الخيل والنجايب |
كمثل ما قد دّخل الّلمتونيّون |
|
من قبل ذا وهم لهم ميمّمون |
فهذا سبب مصير الملك إليهم. قال ابن خلدون : وهم قوم مرهوب جانبهم شديد بأسهم من أقوى القبائل وأنجدها وأفرسها كثير جمعهم ، مضاهون للعرب والفرس واليونان والروم. وفيهم قال ابن الخطيب في رقم الحلل :
وأورث الله بلاد الغرب |
|
للسّادات الغرّ الكرام النجب |
أهل الخيول والرماح والهمم |
|
أقوى بني الدنيا وأوفى بالذّمم |
وأدرب الخلق بركض الخيل |
|
وخوض أحشاء الفلا والليل |
(ص ١٠٨) / قاموا وقد بان اختلال الطاعة |
|
بمذهب السّنّة والجماعة |
ولما دخلوا المغرب تفرقوا فيه وشنّوا الغارات فمن أذعن لهم سالموه ومن أبى قتلوه. ففرت الناس منهم وبلغ خبرهم إلى أمير الموحدين المستنصر فقال لقومه : ما ترون من هؤلاء فاتفق رأيهم على محاربتهم فبعثوا لهم جيشا فيه عشرون ألفا تحت رئاسة أبي علي بن واندين فسمعت مرين فلقيتهم بأكمل حالة وجعلوا أموالهم وحريمهم بقلعتي : تازة وزا فلما تراء الجمعان كانت الدائرة لمرين على الموحدين فقتلوهم ذريعا وهزموهم شنيعا واحتووا على ما في المحلة
__________________
(١) الموافق ١١٤٥ ـ ١١٤٦ م.
(٢) الموافق ١٢١٣ ـ ١٢١٤ م.