بأجمعه ودخل فلّ رباط تازة وفاسا منهزمين ، وبالمشعلة مستترين ومنحرمين. وهي نبت يشبه الحلفا له أوراق طويلة عريضة تمسيها عامة المغرب بلحية الشيخ ويقال لها بالشلحة الأثموج وأكثر نبتها قبلة تازة سيما بلاد مكناسة وقلوبهم بالحزن مشتعلة ، فسمّي العام عام المشعلة وهو عام ثلاثة عشر وستمائة (١).
وأول ملوكهم بالمغرب عبد الحق بن محيوا وكان فاضلا صالحا متبركا به وهو الذي استخلص الملك من غيره لكنه لم يستول على كرسي الخلافة بمراكش. ثم ابنه أبو سعيد عثمان ، ثم أخوه أبو معرّف محمد بن عبد الحق وبايعته كافة مرين وسار فيهم سيرة حميدة وكان بطلا شجاعا ، شهما مهابا مطاعا ، كثير الغارات لا يفتر عن القتال والمحاولات. وفيه قال صاحب الأرجوزة :
/ ثم ولّي من بعده محمد |
|
وكان في أموره مسدّد |
فكان لا يفتر عن قتال |
|
مواضبا للحرب والنّزال |
كم عسكر له وكم حشود |
|
ومن جميع جمّة الجنود |
وكم من جيش جاء من مراكش |
|
أفناه بالحروب والتناوش |
نهاره وليله طعان |
|
لكنه مؤيّد معان |
ولم يزل في قتال الموحدين إلى أن قتل بصخرة أبي بياس من أحواز مدينة فاس ، يوم الخميس تاسع جمادى الثانية سنة اثنين وأربعين من السابع تحاملا مع زعيم الروم. ثم أخوه أبو يحيى زكرياء بن عبد الحق وهو أول من عمل من ملوكهم مراسم الملك من بنود وطبول وغيرها. وأوّل ما ابتدأ به تقسيم البلاد على قومه وإنزال كل قبيلة في ناحية وأمرهم بتكثير الجيش وركوب الرجال وما غلبت عليه كل قبيلة فهو لها وتوفي بفاس ودفن بإزاء قبر الفشتالي تبرّكا به.
ثم أخوه سلطان الجهاد أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق المريني ولقبه المنصور. وقد استوفى أبو فارس في أرجوزته سيرته حيث قال :
سيرة يوسف بن عبد الحق |
|
قد حاز فيها قصبات السّبق |
__________________
(١) الموافق ١٢١٦ ـ ١٢١٧ م.