مملوءة معمّمة ، من بدرات نقود متمّمة وسلع مرزّمة ، وعتاق خيل مسوّمة ، وجالت فيها يد الجود إلى أن صيرته للعدم بعد الوجود ، وبقي في أثوابه رافلا وعن عواقب أموره غافلا إذا بأهل فاس من كل معاند وجّهوا له غفلة أخاه عبد الواحد ، بعد ما مكث خمسة أشهر ونصفا فأسرع به أخوه تلفا وخرج السعيد (ص ١٣٣) للقائه. وكان ذلك سببا لشقائه ولما استقر في بسيط / واحد أدلج ليلا عبد الواحد بعد إبرامه الأمر مع الرؤساء والرعية فأدخلته البلد ليلا جماعة الرحويّة ، وأقام لهم النذيرة على الأسوار مشاعيل النيران علامة لمن هو بالمحلة على الإقامة ، ولما سمعوا أصحاب السعيد انصرفوا عنه وبقي كالوحيد ولم يتأمل في السابق قول الشاعر القائل بتحذيره لكل عارف ماهر :
إنّ الليالي لم تحسن إلى أحد |
|
إلّا أساءت إليه بعد إحسان |
ثم أخوه الهمام الماجد أبو مالك عبد الواحد بن أبي حمّ ، موسى الشائع ، سادس عشر رجب سنة أربعة عشر من القرن التاسع (١) فنفق في أيامه سوق الأدب ، وجاء بنوه إليه ينسلون من كل حدب ، فينقلبون بخير الحقائب ظافرين بجزيل الرغائب. ولما قصده من الأندلس محمد بن أبي طريق بن أبي عنان المريني قال له وقت التسليم والاقتباس أنا في حسب يغمراسن بن زيان حتى تعينني على فاس ، فقال له وصلت وجهز له الجيوش وأعطاه الأموال وآلة الملك وأرسل معه العمال حتى استولى على فاس وملكه في قصّته المشهورة ، ودوّخ مملكة المغرب الأقصى ، فكانت من مناقبه المأثورة ، واستمرّ عبد الواحد في الملك إلى سنة سبع وعشرين وثمانمائة (٢) فخلعه ابن أخيه محمد بن أبي تاشفين المعروف بابن الحمرا على يد أبي فارس الحفصي صاحب تونس فخرج من تلمسان متوجها للغرب. ثم ابن أخيه أبو عبد الله محمد بن أبي تاشفين بن أبي حمّ موسى بن يوسف فقابل الدّهر أيامه بالإسعاد ، حتى صارت كالمواسم والأعياد. ثم فسد ما بينه وبين أبي فارس فأبدل سعيده بالناحس. وسببه أن
__________________
(١) الموافق ١٤١١ ـ ١٤١٢ م.
(٢) الموافق ١٤٢٣ ـ ١٤٢٤ م.