أبو فارس الحفصي من تونس بالبحر الزاخر من الجيوش ومات قبل أن يصله بوانسريس كما مرّ.
ثم نهض أبو عبد الله محمد المتوكل على الله بن محمد المستعين بن أبي ثابت بن أبي تاشفين بن أبي حمّ موسى بن يوسف الزياني سنة ست وستين من التاسع (١) من مليانة ثائرا عليه وتوجه للمغرب والنصر يلوح أمامه فاستولى / على بني راشد ثم هوارة ثم مستغانيم ومزغران ثم فتح وهران ثم زاد لتلمسان (ص ١٣٦) فأقام عليها يومين ودخلها في الثالث وهرب أحمد العاقل لسيدي أبي مدين فأوتي له به فمنّ عليه وصرفه للأندلس واستقلّ بالملك. ثم حرك عليه أحمد العاقل لما رجع لهذه العدوة في جمع من الناس وحاصره بتلمسان فانتصر عليه المتوكل وعاجله بأمنيته سنة سبع وستين من التاسع (٢) ودفنه بالعبّاد ونجا صاحبه محمد ابن غالية بن عبد الرحمن بن أبي عثمان بن أبي تاشفين فبقي في الغوغاء عليه محاصرا للبلد إلى أن قام عليه أهل البلد فقتلوا البعض من جمعه وفرّ الباقي وذهب محمد بن غالية لوجدة واستقرّ بها لقصد الضرر وصار يأتي مرة بعد أخرى للضواحي إلى أن جاء به حتفه مرة مع الأوباش بجبل بني ورنيد فسمع به المتوكل وبعث له جندا وحصل مصاف القتال بالجبل المذكور ووقع القتال الذريع فتفرق الجمع وأوقع الجند فيهم فكان ابن غالية من جملة الصرعى فقتل سنة ثمان وستين من التاسع (٣) وجيء برأسه للمتوكل فوضعه في طست أصفر ودعا بمن يعرفه فميزوه وعرفوا عينه ثم جيء من الغد بجسده فدفن مع العاقل بالعبّاد. ونظم الحافظ التنسي في هذه القضية ومدح المتوكل وأولاده قصيدة طائية مشتملة على مائة بيت وأربعة أبيات عدد الكتب المنزلة انتخبها من بحر الطويل مطلعها :
أرقت لدمع من جفوني ينحطّ |
|
كنثر نفيس الدّرّ أن خانه السّمط |
وانظر تمامها في الدر والعقيان للتنسي. وتوفي يوم الأحد ثالث عشر
__________________
(١) الموافق ١٤٦١ ـ ١٤٦٢ م.
(٢) الموافق ١٤٦٢ ـ ١٤٦٣ م.
(٣) الموافق ١٤٦٣ ـ ١٤٦٤ م.