وأمره بالغزو على المسلمين الذين بهذه العدوة فاشتدت شوكته عليهم وأبلاهم بلاء عظيما واقتدى به من أتى بعده من عمال النصارى بوهران مثل إفراسيسك (١) وابن يالبة وأجوان JUAN وغيرهم من الإسبانيين الذين لم يحضروا حفظي وقتئذ. فغزى سنة خمس وعشرين من العاشر (٢) قلعة بني راشد لما سأل منه الإعانة عليها أبو قلموس وقصدها في جيش عرمرم (كذا) ما بين جيشه وجيش أبي قلموس فنزل ببراقها وهو الجبل المطل عليها من ناحية البحر ونصب به مدافعه ورمى الكور على القلعة فخرج أهلها ومعهم أميرها إسحاق الإسكندر شقيق خير الدين باشة الجزائر فسألوا الأمان فأمنوا ولما تمكن النصارى منهم قتلوهم عن آخرهم والأمر لله وحده. قال الحافظ أبو راس في الحاوي وكان (ص ١٥٥) الشيخ / سيدي محمد الشريف الزهار دفين الجزائر أحد تلامذة القطب سيدي أحمد بن يوسف الراشدي بالقلعة قبل مجيء الإسكندر والأتراك إليها يدخل المسجد حافيا ويقول أنا أنجسه قبل أن ينجسه الكفّار فلم يكن إلا قليل حتى قدم عروج والإسكندر والأتراك فذهبوا لتلمسان فبقي فيها عروج ورجع الإسكندر للقلعة فحصر بها ودخل النصارى للجامع الأعظم ونجّسوه كما قال. ثم كارلوص وهو شارل الأول تولى سنة ثلاث وثلاثين من العاشر (٣) وبقي في الملك أربعين سنة واستمرت وهران في حكمه. فجهّز جيشا عظيما لغزو مزغران ففتحها عنوة في أواسط الستين من القرن العاشر (٤) تحت رئاسة الطاغية الفرطاس (٥) ولما سمع بذلك خير الدين باشة الجزائر (٦) تألم كثيرا وجمع جيوشا من كل جهة وقصد مزغران فنزل عليها وقاتلها شديدا وأمنحه الله النصر فأثخن فيهم قتلا وأسرا وسبيا إلى أن فتحها عنوة زوال يوم الجمعة خامس عشر ذي القعدة الحرام سنة خمس
__________________
(١) يقصد فرانسيسكو.
(٢) الموافق ١٥١٩ م.
(٣) الموافق ١٥٢٣ ـ ١٥٢٤ م.
(٤) الموافق ١٥٥٨ م.
(٥) يقصد الكونت الكوديت وكان أقرع الرأس.
(٦) الحقيقة أن باشا الجزائر في هذه الفترة هو حسن بن خير الدين وليس أبوه خير الدين وهو الذي واجه الإسبان بمزغران.