المزوار بن غانم كبير بني راشد فنزل أبو عبد الله بمحلته بمشرع الزواش ثم بواد سنان ثم بحمام سيدي العبدلي فلقيه المزوار بجيشه وحصر محلتهم في خربة هناك ودارت بهم العرب فانهزم النصارى بعد ما مات منهم خلق كثير ورجعوا لوهران. ثم سألهم في الثالثة الحركة فأبوا فذهب لمالكهم كارلوس بإسبانيا وسأله الإعانة فأمرهم بالخروج معه فخرج بالجيوش النصرانية في سنة خمسين من العاشر (١) وذهب لتلمسان فدخلها كما مرّ وتزوّج ببنات أكابرها وخرج أحمد منها ثم رجع له حاركا ، ولما خرج أبو عبد الله لقتاله ورام الرجوع منعه أهل البلد من الدخول وقالوا له يا خذيم الروم اذهب عندهم فدخلها أحمد وفرّ هو إلى أن قتله العرب غدرا وبقي أحمد في الملك إلى أن مات فتولى أخوه حسن وكان بينه وبين صالح باشة بالجزائر محبة عظيمة ثم بعد أربعة أعوام فسد ما بينهما وسأل الإعانة من النصارى وهرب لوهران فمات بها في دار الملك بالوباء وتنصّر ولده بعده والأمر لله وحده.
وتكرر غزو النصارى لتلمسان بسبب اختلاف كلمة أمرائها حتى صار كل منهم يستعين على الآخر بالنصارى. فمن ذلك أن المزوار منصور بن غانم الحشمي. كبير بني راشد سأل من النصارى في سنة ثلاث وخمسين من العاشر (٢) الإعانة وغزى بهم تلمسان بعد أن أعطاهم ولده عليا رهنا وشرط معهم شروطا فخرجت محلتهم بجيش وهران وكرشتلة ونزلوا بغبال فأتتهم العرب بالخيول المسوّمة والهدايا المقوّمة ورأى رجل أعرابي منهم اسمه برقون جيش الترك ذاهبا لتلمسان فطلب منهم الإغارة عليهم فأبوا فذهب وحده ثم اتبعوه ونشأ القتال (ص ١٥٧) فكانت الدائرة / على الأتراك ولم ينج إلّا القليل وذهب محلة النصارى بمن معها على رابطة الزواش وخيمت به ستة عشر يوما وزادت لواد سنان ولما عبرته جاءها الخبر بأن الترك خرجوا من الجزائر في الجيش العظيم لطلب الثأر فرجع النصارى وأخذوا على عرب دمليون وهم أولاد عبد الله سمّوا بذلك لأنهم كانوا يطلبون منهم العدد الكثير فيقول أحدهم للنصارى دمليون بمعنى أيها الروم
__________________
(١) الموافق ١٥٤٣ ـ ١٥٤٤ م.
(٢) الموافق ١٥٤٦ ـ ١٥٤٧ م.