خليفة خير الدين باشا وقبّل يده وكشف عن رأسه وبقي داهشا من الهيبة فسأله حسن آغة عن أخبار بلاد النصارى فقال له الرايس أن سفينة تركتها تريد القدوم إلى بجاية لكونها كانت عامرة / بالسبنيول فعند ذلك أمر حسن آغة أن تجهز له (ص ١٥٩) أغربة فتجهزوا في أسرع وقت وساروا إلى طلبها بنواحي بجاية وكمنوا بموضع يقال له العش والمنقار وكان من جملة رؤساء الجزائر كجك علي المتقدم الذكر فطلعت لهم تلك السفينة ذاهبة لبجاية فقربوا منها وشرعوا في قتالها وكانت مستعدة للقتال في غاية الاستعداد فلم تزل مع أجفان المسلمين في أخذ ورد إلى أن وقعت فيها النار فالتهبت في أطراف السفينة وعجز الكفار عن إطفائها فألقوا أنفسهم في الماء فالتقطهم المسلمون من البحر وأطفوا النار ورجع الرؤساء للجزائر وهم فارحون (كذا) بالسفينة ودخل الجزائر في شهرة كبيرة وفرح به حسن آغة غاية الفرح وأمر بإنزال ما فيها من الغنيمة فأنزلوا الكفار وأحضروا بين يديه ومعهم رئيسهم وكانوا في حال طلوعهم إلى دار الإمارة تصفق لهم النساء والصبيان وأهل البلد ليتفرجوا فلما وصلوا بهم إلى حسن آغة أمر بهم إلى السجن المعد لذلك فلما سمع بهم صاحب إسبانيا تأسّف عليهم وكان أهل طاعته قد ضجوا إليه بالشكاية مما يفعله بهم أهل الجزائر خصوصا أهل السواحل منهم بأن قالوا للطاغية إما أن تكفينا أمر الجزائر وإلا نعطوا (كذا) الطاعة لصاحبها فشرع في الحركة للجزائر وأطلق النداء في سائر أقطاره بذلك فانحاشت إليه جيوشه أفواجا أفواجا وزخرت إليه جيوشه وعساكره أمواجا أمواجا ، فوصل خبر عمارته إلى حسن آغة خليفة خير الدين فصدّق بذلك ولم يكذّب ثم أخذ في حركة عرس ولده وعمل مفرجات عظيمات يقال إنه خرج من يده مال عظيم بسبب هذا العرس في كل ناحية يقال إن من جملة ما جعل فيه من المفرجات نصب صاريا في باب الوادي وطلاه بالشحم بحيث صار لا يقدر أحد يصعد إليه وجعل في جاموره شقة نفيسة من الملف ومعها صارة من الذهب وأباحما لمن صعد إليهما فجاء فتى من الأتراك صغير السن وبدأ في الطلوع معه ولم يزل يتلاصق الصاري شيئا فشيئا حتى وصل إليهما ونزل بهما فتعجب الناس مما شهدوا منه فلما تم هذا العرس وصار مثلا سائرا ونزاهة من نزاهة الدنيا أدار وجهه إلى تحصين المدينة / والاستعداد لمقابلة العدوّ فبنا (كذا) أسوار المدينة وأصلح ما (ص ١٦٠)