إلى البر ونزل الجنرال أندريه منها حزين فوصل إلى الطاغية في محلته وأعطاه حق المبايعة وقال له أيها الملك ألم أحذّرك عن السفر إلى الجزائر فانظر عاقبة الأمر الذي حذرتك عنه الآن قم اطلب النجاة لنفسك فإن جلّ أجفاننا عطب على السواحل فكيف يكون رجوع هذا المعسكر إلى بلادنا فها أنا أيها الملك أذهب إلى تمانتفوس وانتظرك فيها فبادر أنت ومن معك من العسكر بالرحيل لتركب في الأجفان الباقية وتخلص إلى بلادك فعند ذلك رحل الطاغية عن الجزائر ونزل على واد الحراش وكان قد أجهدهم الجوع فأكلوا أربعمائة من الخيل وباتوا تلك الليلة والمطر يتراكم عليهم والأعراب والقبائل يضربوهم بالمكاحل والأحجار وغيرها ويلتقطون في السّعي. ولما كان يوم الخميس نظر الطاغية إلى الوادي فرآه فهالته رؤيته فاستشار رجاله كيف يتحيلون على القطع إلى الناحية فعقدوا صواري سفنهم المنعطبة على الساحل وقطعوا عليهم فلما قطعوا إلى الناحية الأخرى هجمت عليهم فرسان العرب أيضا وصاحوا عليهم وحملوا نحوهم بعنان واحد وقتلوا منهم خلقا كثيرا ولم يزل الطاغية ذاهبا وفراسان العرب تطاعنوهم (كذا) إلى أن وصلوا إلى تمانتفوس وأقام بها أياما والحرب لا ينقطع عليه من المسلمين إلى أن خمد هيجان البحر فركب فيما بقي من الأجفان وسافر إلى بلاده وهو لا يصدق النجاة بنفسه وخلّف كثيرا من الأغربة والأجفان الرقاق وكثيرا من الأجفان العظام والعشريات والفرقطات ومدافع عظام وخلّف كثيرا من الرجال والنساء والصبيان التي أتى بها لأنه لم يذهب واحد منهم وعددهم ألفان وثلاثمائة وأما خيله لم يذهب منها واحد سوى الذي مات منها في الحرب أو أكلوه وحاصل ما خلفه لأهل الجزائر مال لا يحصى.
وفي الثالثة غزوها سنة سبع وستين من العاشر (١) ولم تحصل لهم فائدة ورجعوا خائبين.
__________________
(١) الموافق ١٥٥٩ ـ ١٥٦٠ م وهذا في إطار الحملة على جربة بتونس.