(كذا) ثم رجع النصارى إلى رأس تفورة ونزلوا بأمحالهم وأخذت تلك الوعور كلها وشرعوا في قتال المدينة وصبت عليهم مدافع المسلمين من كل جهة وخاب رجاؤهم من المدينة فصعدوا بألوية منشورة إلى الكدية المعروفة بكدية الصابون وصاروا يقاتلون المدينة منها فصار أهل الجزائر يرمون عليهم بالمدافع من كل ناحية بأصوات الصواعق وربما وصلوا الرمي على أجفانهم التي في البحر ولما كان يوم الثلاثاء أرسل الله تبارك وتعالى في آخر الليل (كذا) ريحا عاصفا فقطعت حبال أجفانهم ونشروا صواريهم خوفا من الهلاك وتزايد هذا الريح فتشوّش جنرالهم أندرية (١) من ذلك وكذلك من معه في الأجفان وساقت هذه الريح التي أرسلها الله عليهم جملة من أجفانهم إلى البرّ فعطبت على المطاحن وخرج منهم أسارى المسلمين ومالت عرب الجزائر على أهل تلك الأجفان واستاصلوهم قتلا إلى آخرهم وحين رأى الطاغية ما حصل بأجفانه من الغرق والعطب انكسرت شوكته وضعفت قوته وأخمدت ناره ، وبرد شراره وظهرت عليه مخايل الذل فخرج أهل المدينة صبيحة يوم الثلاثاء لقتالهم باجتهاد وقوة وعزم شديد وعلموا أن الله تعالى نصرهم على الأعداء فخالطوهم وقاتلوهم في تلك الأوعار فأتى وجوه العساكر إلى الطاغية وقالوا له أيها الملك قم بنفسك إلى الحرب فإن المحلة أشرفت على الأخذ فعند ذلك خرج الطاغية والتفّت عليه عساكره وأخذوا في القتال فتقهقر المسلمون عنهم نازلين رأس تفورة وجدّ الكفار في قتالهم وتكالبوا عليهم فتقهقروا أيضا إلى ملعب الكورة (كذا) ثم إلى قنطرة الأفران فلما رأى النصارى ذلك منهم تراكمت جيوشهم عليهم كالبحر الزاخر وصاحوا عليهم من كل ناحية وطالبوهم من كل دانية فتقهقر المسلمون إلى ناحية سيدي أبي التقي ثم صرخ المسلمون في وجوه الكفار صرخة واحدة وحملوا عليهم وضربوهم (ص ١٦٣) حتى بالحجارة والنشاب وكان ذلك اليوم يسيل فيه المطر كأفواه القرب ، / فتراجع المسلمون لحماية بعضهم بعضا وحملوا على الكفار من كل ناحية فردوهم على أعقابهم إلى المحلة ورجع المسلمون للمدينة ولما كان صباح يوم الأربعاء ظهر للكفار أنهم لا مطمع لهم بالجزائر وأن الغنيمة أن ينجوا بأنفسهم فقربت أجفانه
__________________
(١) يقصد به أندري دوريا الجنوي ، كبير قراصنة أروبا في هذه الفترة.