اثنين وعشرين سنة. وفي السنة الثالثة من توليته وهي سنة ثلاث وأربعين ومائة وألف (١) جهّز يعني فيليب لغزو وهران جيشا عظيما فدخلوها / عنوة وذلك بعد موت (ص ١٩٢) الباشا بكداش رحمهالله وفي حياة الباي مصطفى أبي الشلاغم. ولما جاءها العدوّ خرج لقتاله الباي مصطفى أبو الشلاغم المسراتي في جيش جليل ونشب الحرب معه بمناوشة قليلة قتل فيه النزر من جيشه واستشهد فيه علي بن مسعود المحمودي الحشمي وحصلت الهزيمة في جيشه فلجأ الباي إلى بني عامر فخذلوه ولما رأى (كذا) ذلك أخذ أهله وأصحابه وأسلمها للعدوّ وذهب لمستغانيم فصيرها دار ملكه ومكث بها بعد إقامة المسلمين بوهران أربعة وعشرين سنة فأخذها النصارى في المرة الأولى بمالها وأهلها وأخذوها في المرة الثانية بأكثر ما فيها من الأموال ونجت الأنفس. وإلى وقت خروج المسلمين منها وكم بقوا بها ودخول النصارى لها أشار الحافظ أبو راس في سينيته بقوله :
من بعد عشر وعشر ثم أربعة |
|
عادوا إليها قرة أعين النعس |
فملكوها بلا كبير ملحمة |
|
لاكن في الأولى بخدعة متحيس |
فمرّتين ابتاعوها غير غالية |
|
كيف يباع ثغر وهران بالبخس |
أتوها طورين انتقدوها عامرة |
|
وعد عليها إليهم غير منحبس |
خلا لها الجوّ صرفا واطمأنّوا بها |
|
وقد تخلّت للكفر جلوة العرس |
يا له من ثغر أضحى لها جزرا |
|
للنائبات والجدّ منه في التعس |
مدينة العلم والإيمان حلّ بها |
|
ما حلّ بالحصن من الخبس والخبس |
من كل شارقة الإلمام بارقة |
|
مأتمها عاد للأعداء كالعرس |
تقاسم الروم لا نالت مقاسمهم |
|
غرّ عقائلها المحجوبة النفس |
كانت حدائق للأحداق مونقة |
|
فصرخ النصر في الأدواح بالدحس |
محى محاسنها طاغ أتيح لها |
|
اكتحل السهر لها مكثر الجوس |
ما سهى عن هضها حينا مذ حاربها |
|
ولا مكثّر للتواني والنّعس |
صارت تدور لناطورا واعدئينا |
|
وكلّما وعدتنا فهو في ركس |
__________________
(١) الموافق ١٧٣٠ ـ ١٧٣١ م. والحقيقة أن غزو وهران تم عام ١٧٣٢ م.