ولا زال أبو الشلاغم رحمهالله بمستغانم منذ دخلها إلى أن مات بها فدفن (ص ١٩٣) / بالمطمر منها وعلى ضريحه قبّة.
عودة إلى تاريخ ملوك إسبانيا
ثم فردينة السادس تولى سنة ثلاث وستين ومائة وألف (١) وبقي في الملك ثلاثة عشر سنة. ثم كارلوص الثالث تولى سنة سست وسبعين ومائة وألف (٢) وبقي في الملك تسعا وعشرين سنة إلّا أن نصارى وهران من حين الفتح الأول انكسرت شوكتهم عن الغزو العظيم للمسلمين وعرفوا قدرهم لكن (كذا) رعبهم لم يذهب من قلوب المسلمين بعد ذلك الفتح فأحرى بعد رجوعهم لها. قال الشيخ الحافظ المحقق أبو زيد عبد الرحمن الجامعي التلمساني في شرحه لرجز الحلفاوي : كنت وفدت عقب الفتح بقليل على العالم العلامة الداركة الفهامة ، الدراية النقاد ، سراج التحقيق الوقاد ، منهل العلوم الأصفى أبي عبد الله سيدي محمد المصطفى القلعي الرماصي ، تجاوز الله عنا وعنه يوم الأخذ بالنّواصي فوجدته يسكن بأهله ببيوت الشعر قرب غابة في رأس الجبل يأوي إليهم ليلا ويظل نهاره في دار يطالع كتبه ويقري (كذا) طلبته فسألته عن ذلك فقال لي كنّا على هذه الحالة على عهد النصارى خوفا منه لأننا كنا لا نأمن في الدور من أن يصكّونا ليلا فخرجنا لبيوت الشعر ليسهل علينا الفرار إلى غابة الجبل فنمتنع منهم. فانظر إلى أين بلغ بالمسلمين خوف أولائك الطواغيت ولا يعرف حلاوة الإيمان إلّا من ذاق مرارة الخوف. ثم أن كارلوص المذكور جهّز جيشا عظيما في خمسمائة مركب لغزو الجزائر فغزوها سنة تسع ومائة وألف (٣) فئ ولاية الباشا محمد فخرجوا ونزلو بإزاء الحراش في البر وجعلوا ترسا من حطب ولوح وغير ذلك وبنوا برجا في ليلة واحدة يقال له الآن برج مولاي حسن ووافق ذلك قدوم الباي صالح من قسنطينة للجزائر لدفع لزمة الصوف وهي محمولة على الإبل فقدم تلك الإبل أمامه وجعلها سورا بين المسلمين والإسبانيين واجتمعت إليه القبائل والأعراب مع جيش الجزائر فأوقدوا نار الحرب واشتد القتال وحمى الوطيس
__________________
(١) الموافق ١٧٥٠ م.
(٢) الموافق ١٧٦٢ ـ ١٧٦٣ م.
(٣) الموافق ١٧٧٥ وهي الغزوة التي قادها الضابط أوريلّي.