لقد هيّا مصطفى جيشا كبيرا |
|
تركا ومخزنا الملك الجدير |
فلم تك ساعة إلّا وانهزموا |
|
من جيش قليل هيّأه الفقير |
قال : ثم خرج من المعسكر عشية يومه وقيل عشية اليوم الثاني ، وكان يوم الأحد ثالث أو ثامن من ربيع الأول بالبياني ، سنة تسعة عشر ومائتين وألف (١) ، من هجرة من حاز الكمال والشرف والوصف. ورجع لوهران فدخلها في فلّه ، وهو في وجل ببعضه وكله ، فاجتمع عليه أعيان مخزنه وسهّلوا عليه الأمر وهوّنوا عليه المصيبة ، وأزالوا عنه ما بنفسه من الوجل والريبة وقالوا له لا تجزع من الدرقاوي وأعرابه ، وجيوشه وأصحابه فنحن سيوفك الماضية. ورماحك النافذة القاضية ، وشجعانك الداهية وفرسانك الضارية الدامية ، والأمر كذلك وفوق ذلك ، ولا يكون إلّا ما تراه من الدفع عنك بأنفسنا وأكثر من ذلك ، فإن كان الأمر من الله فلا يليق إلا التسليم ، والرضى؟ بما قدره وقضاه الحكيم العليم وإن كان غير ذلك فلا ترى إن شاء الله إلا ما يسرّنا ويسرّك بغير خلف ، ألم تعلم أننا فحول هذه الأوطان وأبطالها موروث ذلك عندنا خلفا عن سلف ، ومن يناقمنا يحلّ به الويل ، ويصده النكل والخبل. وقد صدق فينا قول الشاعر الماهر ، الذي قوله ذائع عند البادي والحاضر :
إذا قالت قريش في أمر شيئا |
|
فذاك القول مصداق المرام |
/ فصدقوها في المقال حقا |
|
ولا يكن تكذيب في الكلام |
(ص ٢٤٦) وقول الآخر :
إذا قالت حذام فصدقوها |
|
فإنّ القول ما قالت حذام |
وقول آخر :
وننكر إن شئنا على الناس قولهم |
|
ولا ينكرون القول حين نقول |
وقد نصبنا أنفسنا للموت والتزمناها ، بحيث من لم يمت منّا بالسيف مات بغيره فيتمناها فصدق فينا قول الشاعر :
ومن لم يمت بالسيف مات بغيره |
|
تعدّدت الأسباب والدّاء واحد |
__________________
(١) الموافق ١٢ أو ١٧ جوان ١٨٠٤ م.