(ص ٢٥٧) نريدوا (كذا) الصلاح وهم يريدون / الفساد ، فهم فرقة باغية زاحفة في هذا الأمر ، فوقع الاتفاق على هذا الأمر. قال فظهر أمر بني عامر كذبا ، واجتمع الحشم والبرجية كما أمرهم فورا وقربا ، ولقوا الدرقاوي فهزموه بعد الحروب الكثيرة الصحاحي ، واطردوه عن سائر تلك النواحي ، وقدم مجاهر إلى بلد البرجية فأثخنوا فيها بالنهبية واشتغلوا بحوص الحب ونقله من المطامير ، وهم في حالهم بغير ناه ولا أوامير (كذا). ولما سمع الباي بما لديهم أمر مخزنه بالركوب إليهم ، فامتثلوا أمره وشنّوا الغارة عليهم ، فلم يك (كذا) إلّا قليل في قتلهم ، وإذا بالمخزن قطع نحو التسعين رأسا منهم وفرّ الباقون لمحلهم.
ثم رحل الباي في صبيحة الغد ، ونزل بطرف البرجية بينهم وبين مجاهر في الحدّ ، ثم رحل من الغد بقصد بلد مجاهر فلقوه بالضريوية وحاربوه ساعة ، فهزمهم بعد ما مات من الفريقين كثير ونجوا سراعة ، ونزل بماسرة ، وأقام بها أياما ، يدبر أمورهم جلوسا وقياما ، فبينما هو في تلك الحالة ، إذا بمجاهر اجتمعوا وجاؤه رجّالة وخيّالة ، وغاروا على محلته وقت الصباح غفلة ودارت جنودهم بالمحلة وجالت جولة فخرج المخزن إليهم خروج اليقين ، وتزاحفت الصفوف لبعضها بعضا واشتدّ الطنين ، فلم يكن غير ساعة إلا ومجاهر ولوا الأدبار بحالة المنهزمين ، ومات من الفريقين خلق كثير ، وعدد حصره عسير ، وكان من جملة من مات من المخزن القائد المشهور ، الفارس الذي عند الناس مذكور ، الصنديد المكين ، الزمالي السيد عدة بن محي الدين. ثم ارتحل الباي صبيحة غدا ونزل ببلاد مجاهر ، أهل الضلالة والمناكر ، وزاد في الغد لوادي مينا وبه نزل (ص ٢٥٨) وراغ ، فأتته به جموع مخزن الشرق بالمسيرة ومن الرعايا / جماعة بني أوراغ ، ثم ارتحل وصعد مع وادي مينا إلى أن نزل بالواد المالح وأقام بها أياما وقلبه مطمئن فارح. فبينما هو هنالك بين اليقظة والنعاس ، إذا بالدرقاوي بجمعه قصد المحلة على غفلة من الناس ، فنادى المنادي بأفصح الخطاب ، عليكم بالركاب إلى كاب ، ففزع الناس لذلك وحكى كل لصاحبه بما هنالك وركبوا خيولهم وخرجوا من المحلة ينظرون غيولهم وخرجت عساكر الأتراك كأنها الليوث العوابس ، فهم أسود بني آدم بزماننا ، وجالت الفوارس ، وحصل الحرب خارج المحلة ، وكثر العياط بين الناس بغير القلّة وتزاحفت لبعضها بعضا الصفوف ،