وخلّ فرسه سلاحه لبسه |
|
فأتى به الليث لباي الأكابر |
ودمه مهطل وهو غير جازع |
|
فغمّ له الباي وصار كالحاير |
فقال له الفهد على رؤس الملا |
|
إنني لفي خير من كلّ المضائر |
فسرّ به الباي وعزّ جنابه |
|
وأدناه منزلا في كل الأوامر |
فلا غرو أنّ الله زاده رفعة |
|
وخيرا وإحسانا وكل البشائر |
فلا تلد الليوث إلّا الضراغم |
|
ولا تلد الفهود سوى القساور |
ولا تأتي الصقور إلّا بمثلها |
|
ولا تلد البزات سوى الأصاعر |
فبيت هذا الليث الزعيم بقوة |
|
فإنّها أعلا من بيوت الأكابر |
قال ، ثم إنّ الباي رحل من مكانه للعمائر ، ونزل بلد أولاد سليمان أحد بطون بني عامر. ورحل من الغد ونزل بالمبطوح ربضا ، ثم ارتحل ونزل بثنية مأخوخ بلد أولاد علي أحد بطون بني عامر أيضا. وقد اجتمع بنو عامر بجمعهم الغاوي ، وجيشوا ببلد أولاد الزاير مع الدرقاوي ، يرومون لقاء الباي ، وما ذاك إلّا من تلف الرأي ، والباي في قلبه شيء كبير وغم عسير ، مما هم فيه القرغلان ، المستقرون بتلمسان ، حيث ضاق عليهم الحال ، حتى عدموا القوت والمال ، وطاش لهم اللّبّ والبال ، بمنازلة العدو عليهم ولا يفارقهم بالغدوّ والآصال ، ورسلهم تتعاقب على الباي بأنهم في النكال ، ونزل بهم السخط والوبال ولا لهم طاقة لما هم فيه على القتال ، وافترق التلمسانيون على فرقتين : قرغلية ، وحضر ، بغير مين ، وشعلت بينهما نار الحرب في البلد ، وطالت واتصلت على الوالد والولد ، وهم في أشدّ عذاب ونكول ، ولسان حالهم ينشد ويقول ، ما هو في الأنيس منقول ، أبياتا من المتقارب دالة على الإضاعة والتعاطب :
/ إن لم تدركونا عزما عاجلا |
|
فاقطعوا لا ريب منّا الإياس |
(ص ٢٦٢) فالزّاد جميعه قد انقضا |
|
ومات كثير من جملة النّاس |
والحرب تدور في كل يوم |
|
والجوع قد ضرّ بأكثر الناس |
فلا صديق ومعين لنا |
|
سوى الله جلّ علا ربّ الناس |
ولا تحويل وفرار لنا |
|
يقينا عن جانبكم يا أناس |
ألا فادركونا فورا عاجلا |
|
من قبل دخولنا إلى الأرماس |
فالحرب علينا وليس لنا |
|
ونحن بها في أشدّ نقاس |