والجوع جرى علينا وطغا |
|
وجاز بنا حدّا فوق القياس |
وما هو في درّ الأعيان مذكور ، ومحرر ومشهور :
ألّا فادركونا وإلّا فلم |
|
تجدوا منّا بحياة فتى |
فقوتنا قد نفدت ضررا |
|
خزاينه مذ عدوّ أتى |
وحرب عظيم يرى أبدا |
|
إلى أين تبدو لنا أو متى |
قال ولما بلغه خبر بني عامر والدرقاوي ، وأنه يقول لهم أنه هو طبيبهم من علة الترك ولها مداوي ، أقام بموضعه أياما إلى أن جمع آلات حربه وسادات حزبه ، واعتمد على طعنه للعدو وضربه ، بباروده ومدافعه الشعالة ، فرحل نحوهم ونزل تاسّالة ، ثم رحل من الغد وفرسه ثائر ، يريد واد الحد ببلد أولاد الزائر ، وعيونه ذاهبة وراجعة بأخبار الدرقاوي الزعلوك ، كما هو شأن أولي الحزم والعزم من الملوك ، إلى أن تحقق بأن بالوادي المذكور الأعراب ، يريدون لقاءه ، بزياداتهم أمامهم للانتخاب ، وهي هوادج توضع على بوازل الجمال ، وبداخلها نساء يولولن بين صفوف الحرب حال القتال ، تزعم العرب أن ذلك يشجع الجبان ، ويزيد في زعامة الشجعان ، وذلك دأب العرب مع بعضها بعضا لا مع المخزن في القتال أيضا ، لأن عادة المخزن المعهودة ، والقاعدة المحررة الموجودة أنّ الزعامة والشجاعة لا تبطل على الرجال مدة الزمان ، وأنه بمجرد (ص ٢٦٣) درايته للعدوّ ويصدمه كائنا ما كان ، فوقف الباي بعد / الخبر ساعة يحرض عساكره ومخزنه ، ويثني عليهم ويشكرهم وما همه ذلك ولا أوهنه ، ويقول لهم لم يبق لنا إلّا هذا اليوم الكبير الذي نحن متقدمون له ، فعليكم بالصبر والثبات ولا يصيب الإنسان إلا ما كتب له. قال ثم زحف للعدو أيضا وانضمت الناس لبعضها بعضا ، وانحاز كل حزب لحزبه ، وتزايدت جيوشه لقتل من بعد عنه ومن بقربه ، وأشرف المخزن على العدو من ثنية هناك ، فألفى مقدمة بني عامر راجلة معسكرة مشبهة بعساكر الأتراك ، بمثابة من شبه البطة بالطير ، وساقطة اللبن بذات الضير ، ولما تراء الجمعان وانتهت الأمال ، وبعدت الحيرة وقربت الموت وحضرت الأجال ، أنشد المنشد بلسان الحال ، هذه الأبيات ، وقالها على التوال :
أيا عسكر الأعراب غركم جمعكم |
|
فسوف تروا ماذا بكم قد يصير |