فالموت ها هي أتت إليكم بالعجل |
|
من قوم عادت منها الروس تطير |
فتبّا لكم أنتم وذل عليكم |
|
برأي خسيس خاب رأي عسير |
وهذا يوم الفراق حان مجيئه (كذا) |
|
والبين غرابه نادى أنت كبير |
ولكن أمر الله ليس له ردّ |
|
وحين القضا يأتي فيعمي البصير |
هذا قول صاحب الأنيس ، وقال صاحب در الأعيان بالتأسيس :
أيا عسكر الأعراب تب جميعكم |
|
وسوف تروا ماذا بكم سيصير |
فلا تعجلوا للموت ها هي دونكم |
|
غدات اللقا منها الرؤس تطير |
فتبّ أمرؤ أغرّ افتراؤه جمعكم |
|
وبيس فصوب الرأي منه عسير |
فيوم الفراق الآن حان مجيئه |
|
ونادى غراب البين يوم كبير |
ولكن أمر الله لا مردّ له |
|
فيعمى المرء فيه وهو بصير |
قال ولما تلاقى المخزن والأعراب صال عليهم صولة جامدة ، ومال عليهم ميلة واحدة وحمل عليهم حملة قوية ، وزاد عليهم فيها بقوّته الكلية ، وصار شعاره الموت الموت ، أدركوهم أدركوهم قبل الفوت ، فأول المخزن نال بعض الضرب وآخره لم يجد محلا للضرب ، وترادفت على الأعراب الأمكار ، وأظلم / الجو (ص ٢٦٤) بالغبار ، وحل بهم العمى وكبر النهار ، ودخلوا في شبكة الهلاك ، ولم يجدوا سبيلا إلى السلاك ، فما لبثوا غير ساعة من النهار ، إلا وعسكرهم فرّ وولّى الأدبار ، وأخذ عسكر الباي ظهورهم بالقتل والنهب والأسر والغصب ، ولم ينج منهم إلّا من نجاه الله ، وأطال له العمر وعافاه ، وغرّتهم المواعد العرقوبية ، فتشتتوا (كذا) على ولهاصة وغيرها ، وفرّ الدرقاوي في شرذمة قليلة لليعقوبية ، ولم يطق على حمل خيمته منه إلّا الشجاع ، ومع ذلك قلبه واجل مفزاع ، ونزل الباي في الوادي المذكور ولاح عليه الفرح والسرور بتشتيت تلك الأمم ، وشدة ثبات مخزنه الأفخم ، وجمعت لديه الرؤس المقطوعة في ذلك اليوم من درقاوة وبني عامر فكانت ستمائة وبعثها كلها للجزائر. قال ويحكي من حضر لذلك أن الجندي الواحد يتقبّض على الخمسة والستة رجال ، ويأمرهم بقتل بعضهم بعضا إلى الآخر منهم فيقتله ويأتي برؤوسهم للباي المفضال وربما قال الجندي لأسيره اصبر للموت أو ما مت قط وأحوالهم كثيرة.