الضرر ، فأتاه جماعة الحضرية ، وأصلح بينهم وبين القرغلية ، وألّف بينهما تأليف المودّة الدائمة ، والصحبة والمحبة اللازمة وأوصاهما أن يكونا إخوانا ، وعلى الطاعة والدين أعوانا ، ودخل البلد وأقام بها أياما ، والناس في فرح وبطاعته قياما.
ثم ارتحل راجعا إلى وهران ، ومعه صهره قائد تلمسان ، وهو أبو الحسن علي قارة باغلي متنقلا بأهله انتقال من لا يولي ، وصار يجدّ السير وأعلام النصر تخفق على رأسه وتحيات البشرى توضع على رأسه رائما محل أنسه ، إلى أن دخل وهران مبرورا ، وسالما مأجورا وفارحا مسرورا ، ولسان حاله ينشد شعرا مأثورا :
فتح الفتوح وءاب أوبة ظافر |
|
بالله كان رحيله وإيابه |
يلقي العداة ولا يملّ لقاءها |
|
فكأنما أهواؤه أحبّاؤه |
قال فدخل وهران وأقام بها نحو الشهر إلى أن استراح ، واطمينت (كذا) نفسه وضحك ولعب وارتاح ، ثم صار مهمى (كذا) سمع بالدرقاوي بجموعه ، إلّا قصده وفضّ جمعه وصيره في قموعه ، وشتت شمله وأجلاه ، ومن المحل أطرده وأخلاه فأذلّ الأعراب ودوخهم ومقتهم ووبّخهم ، وأخلا بعض البلدان حتى من المسافر / وأجلا (كذا) عنها أهلها كبني عامر فإنهم ذهبوا وتركوا بلادهم خاوية (ص ٢٦٦) قفرا ، وزهرهم غبرا ، وللطيور وكرا ، لا يلقي فيها سالكها أنسا ولا أنيسا ولا يجد بها حسا ولا حسيسا ، إلّا البوم والذئاب ، تعوي فيها ليلا ونهارا. وهي خراب. وأكثر ما يلبي بها في كل حين نعق الغراب ، وغراب البين ينادي في كل حين بكثرة الذهاب ، وافترقوا على أماكن المغرب ، ما بين فاس وغيره من المبعد والمقرّب. ولم يرجعوا إلّا في تولية أبي كابوس محمد بن عثمان. وبه حصلت لهم الراحة والأمان. ولما استراح الباي وقلبه قد اطمأن ، وفاز بالسعادة فلم يكن من أهل الوهن والجبن ، جمع جيشا عظيما وجندا عرمرما جسيما ، وبادر به لغزو مجاهر ، لأنهم في السابق أخذوا محلة الخليفة حسن وقتلوا رؤساءها وأعيانها المشاهر. فضلا عن غيرهم من الجيش والأتراك ، الذين يكون بهم الدفع ويقع الإدراك ، وهي واقعة مشهورة ، وقصة كبيرة مذكورة ، محررة في كتاب درء