لمصحبه! وخاصمه وشتمه واستخف بجاهه ومنصبه ما عدا مرة واحدة جاء لليعقوبية واستقرّ فاجتمعوا عليه يرومون وقعه ، فقصده الباي فورا وشتّت شمله وبدّد جمعه ، فانتقل للأحرار فأطردوه ، ثم ذهب لعين ماضي ، وعنهم أبعدوه ثم قصد لبني الأغواط فأبعدوه لمّا علموا مقصده عندهم ، ثم انتقل لبني يزناسن وهو في مذلة ومسكنة فأقروه عندهم ، وترك ما سوّلت له نفسه ، ودام ذلّه وبخسه ، ولم يتحرك لشيء لعدم طاقته ، وفقد مساعده وشدة فاقته. وصار لفظ الدرقاوي يقال لكل عاص مخالف ، فتبرأت الناس من ذلك ولم يبق بينهم إلا اللفظ متعارف. يحكى أن قوما من درقاوة كانوا بالقلعة يأكلون في الطعام الممتزج بالزبيب ، فظفر بهم قائد القلعة فقتلهم على تلك الحالة فألفيت أمريتهم مملوءة بالطعام والزبيب ، وأن رجلا أوتي به إلى قائد المعسكر على أنه درقاوي ، فقال للقائد وحق سيدي دح بن زرفة منذ عقلت لم أقل لا إله إلا الله على ما قال الراوي ، وغرضه النجاة / لنفسه خشية حلوله فورا برمسه ، فضحك القائد ومن حضر من (ص ٢٧٤) قوله وتركه بلا مهلكة وقال له لا تعد لهذه القولة الكفرية فقال له يا سيدي قد جعلها الله لي مسلكة.
ثم غزى هذا الباي في السنة الثانية من توليته الحشم الغرابة بغريس فقتل أجوادهم وكبراءهم وقوادهم ، وفتك بهم كثيرا جسيما ، وأوقع بهم موقعا عظيما ، وسببه أن الحشم بدت من بعض أعيانهم أمور مخالفة للسياسة وقد هرب الفاعل لذلك عند سيدي محي الدين بقصد الاحترام بالصناعة والكياسة ، فبعث له الباي من يأتي به فعصى وساعده الحشم ، واتفقوا على المعاندة التي كانت لهم هي عين السم ، فاستغاظ الباي بذلك ، واعتراه الغضب الشديد من ذلك ، وأمرءاغته رئيس الدوائر وقائده رايس الزمالة بالغزو على سيدي محي الدين ، فقالا له اصبر فإن الله مع الصابرين الحامدين.
ثم إنءاغة السيد قدور الصغير بن إسماعيل انتخب مائة فارس مقاتل من مخزنه الصبار ، وبعثهم رفقة الحاج بن داوود بن المختار ، كما انتخب قائد الزمالة السيد محمد ولد قدور خمسين فارسا مقاتلا بالتبيين وبعثهم في رفقة الحاج المرسلي ولد محي الدّين ، ولما وصل الجميع لقيطنة سيدي محي الدين ، وراموا أخذ الهاربين بالتمكين امتنعت الحشم من تسليمهم للبعوث ، وبدأتهم