المؤلف الذي كان من سكان البرج وكان البرج مقر أسرة المخفي ، حتى لا زالت تحمل اسمه الآن ، الذين كانوا من أعوان الأتراك ثم انضموا إلى الفرنسيس وحاربوا الأمير ، فانتقم منهم الأمير شرّ انتقام. فقد أوقد فيها النيران وسجن جل سكانها ، فلربما بقي في نفس القاضي البرجي شيء».
وقال كذلك : «وأقل ما نستفيده من هذه الرسالة أو التأليف ، بقطع النظر عن مقصد مؤلفه الحقيقي ، هو الاطلاع على صفحات من تاريخ الجزائر ، تصور انطباعات شاهد عيان ، اطلع على أحداث أوائل الاحتلال ، إذ المصادر العربية المسجلة لذلك العهد قليلة. ولنرجع إلى الحديث عن النسخة الثانية من : «قول التأسيس مما وقع وسيقع من الفرنسيس» وهي وإن كانت تتفق مع الأولى في جوهرها. يظهر أن صاحبها اختصرها وزاد فيها وتأخرت كتابتها إلى أوائل الحرب العالمية الأولى واعترف صاحبها بأنه لا يريد أن يطلق العنان لتنبؤه إذ أمر بذلك» (١).
وقد ذكر الشيخ المهدي البو عبدللي بأن مؤلف دليل الحيران الشيخ محمد ابن يوسف الزياني البرجي ، ينتمي إلى أسر علمية بنواحي مدينة برج عياش المشهور الآن ببرج ولد المخفي قرب معسكر. وأن جدّه أحمد بن يوسف الزياني كان من العلماء المستشارين عند الباي إبراهيم الملياني (١١٧٠ ه). وقد تولى مؤلف دليل الحيران القضاء بمدينة البرج سنة ١٨٦١ حسبما وجد ذلك في وثيقة رسمية كاتبه بها الحاكم العسكري الفرنسي للناحية ، ثم انتقل عام ١٨٨٣ إلى مدينة تليلات ليتولى نفس الوظيفة ، قبل أن ينقل إلى مدينة سيق كذلك لنفس الوظيفة : قاضيا.
وكان ما يزال حيا في مطلع القرنين : الرابع عشر الهجري ، والعشرين ميلادي. وذكر الشيخ المهدي أنه اطلع على كثير من فتاواه وتعاليقه على بعض الكتب ، وعلى مراسلاته لبعض علماء البلد ، ومنهم العالم علي بن عبد الرحمن الجزائري مفتي وهران الشهير الذي كاتبه عام ١٣٢٠ ه (١٩٠٢ ـ ١٩٠٣ م).
__________________
(١) محمد بن يوسف الزياني : دليل الحيران وأنس السهران في أخبار مدينة وهران. تقديم وتعليق المهدي البو عبدللي (الجزائر ـ ١٩٧٨) ص ١٣ ـ ١٧.