هيدور الأشم (١) ، الذي اختط الإسبانيون بقمته بالبناء الأحكم ، برج مرجاج (كذا) الشامخ العتيد ، وقطب رحا حربها الشديد ، الصعب المسلك البعيد المدرك ، الضيق الفجاج ، المشرف على المدينة والمرسى والأبراج ، الذي غص منه الجو في الصعود ، وعاد يلمس بيده الأفلاك بالقعود ، ذهب في السماء بفروعه وكلاكله ، وملأ الجو بقرونه وهياكله ، ونظّم النجوم في مفرقه واستوى كالملك في جلسته وترقية ومرتفقه ، وترفع بمروط (كذا) السحاب ، فضرب بينه وبين الناس بحجاب ، رعده / صوت المدافع ، وبرقة شعلتها التي ليس لها مدافع ، كأن (ص ٨) الرياح آوت (كذا) إلى جوه بإذنه ، وأصغا (كذا) لها ملاقيا إلى حيز السماء بأذنيه وأطل على البحر بشماريخه وجعله يحاكي معاني تواريخه ، واستدبر البر بظهره ، وأناخ سائر الجبال بمنيعه وحجره ، حتى صارت جبال قيزة ، وبنى مخوخ ، وتاسالة ، تبايعه وله تنوخ ، وتسمى باسم الرجل الذي كان به من غير مناكث ، وهل هو الرجل الزناتي ، أو الإسبنيولي ، أو الحمياني؟ أقوال ، أصحها الثالث (٢) وطال ما ارتفع للسماء جبل كهر ، فانخفض له وبعلوه عليه أقر ، تراه وأنت أسفله كأنه في الجو قلامة ، في قنّة غمامة أو باز أو عقاب ، على ظهر سحاب ، وقد قال في وصفه بعض الفصحاء في ملحون :
سلوا عليه مرجاج ليس أهيانا |
|
وامراقب البحر وأبراج تلمسان |
شيخ الجبال عالي يا فطانا |
|
كل الجبال خرّت له سجدان |
ولما دخلها ابن خميس أحد العلماء الكبار ، والفقهاء السادات الأخيار ، في آخر القرن الرابع ، وقعت منه كل موقع بعد ما دخل الجزائر في الخبر الشائع ، وكانت الجزائر إذ ذاك قريبة عهد بالبناء والتمدين ، فقال : أعجبني بالمغرب
__________________
(١) أسست مدينة وهران على السفح الشرقي للجبل الذي يحمل عدة أسماء منها : هيدور ، وهو اسم لعالم لا نعرف عنه شيئا حاليا ، ومرجاجو ، وهو اسم لشخص كذلك كما سيأتي. والمائدة وهي صفة لقمته المنبسطة على شكل مائدة. كما يحمل اسم : جبل سيدي عبد القادر.
(٢) البرج الذي يتحدث عنه ما يزال قائما وشامخا حتى اليوم على القمة الشرقية الصغيرة المفصولة بمنخفض عن القمة الكبرى الغربية ، ويسمى حاليا برج سانتاكروز وهو يتألف من ثلاثة أقسام كبرى ، كان مزودا في عهد الإسبان بثلاثمائة مدفع ، وهناك خلاف حول اسم ـ