مدينتان بثغرين : وهران خزر وجزاير بلكّين (١). وكيف لا تكون من ذخائر النفائش ، وهي أول مدينة ملكها عبد المؤمن بن علي الكومي الموحّدي سنة تسع وثلاثين من القرن السادس (٢) ولو رءا (كذا) بناءها صاحب تاريخ مصر (ص ٩) والقاهرة ، / لعده من أعجوبات البناء التي ذكرها في كتابه : حسن المحاضرة (٣) ،
__________________
ـ مرجاجو : هل هو اسم لرجل زناتي ، أو للرجل الاسباني الذي أشرف على بناء الحصن ، أو للشيخ الحمياني الذي ساعد الاسبان على بنائه ، وهو رأي صاحب المخطوط. وكان هذا الشيخ الحمياني قد أمر رجال قومه الحميانيين أن يتجندوا جميعا ويحملوا الماء في قربهم وعلى أكتافهم إلى البنائين في قمة الجبل. ولذلك هجاهم أحد شعراء الملحون وقال :
لا تكب الماء من قربة |
|
لمن يقول أنا حمياني |
ادفع الكلب مع ربيبه |
|
وقل قلبه ما زال نصراني |
وقال آخر :
قيزة وشافع وحميان |
|
جارهم ما يتهنّى وميتهم ما يدخل جنّة |
وقد تم بناء هذا البرج وهذه القلعة الضخمة عام ١٥٦٧ م ، وزرته بنفسي عام ١٩٨١ مع وفد من صحافي جريدة الجمهورية ، وقد وضعت له السلطات المحلية حاليا أضواء كاشفة في الليل بحيث يراه القريب والبعيد ، انظر كتابنا : وهران. ص ١٥٥ ـ ١٥٦.
(١) أبو عبد الله محمد بن عمر بن خميس التلمساني ولد عام ٥٦٠ ه (١٢٥٢ م) ونبغ منذ صغره في الأدب ، والحكمة ، والتاريخ ، وقول الشعر ، حتى لقب بشيخ الأدباء ، ولاه السلطان الزياني أبو سعيد بن يغمراسن رئاسة ديوان الإنشاء ، وأمانة السرّ ، وتجول في أقطار المغرب وعواصمها ، وتراسل مع عدد من الشعراء ، والعلماء ، والقضاة والأمراء ، ثم ذهب إلى غرناطة عام ٧٠٣ ه (١٣٠٤ م) وضم إلى مجلس الوزير ، واغتيل هناك ضحوة عيد الفطر لعام ٧٠٨ ه (١٤ مارس ١٣٠٩ م) على يد علي بن نصر الأبكم إثر الانقلاب الذي حصل على الأمير ، وقيل إن قتله كان خطأ.
(٢) سنة ٥٣٩ ه يوافقها : (جويلية ١١٤٤ ـ جوان ١١٤٥ م). وسيطر عبد المؤمن على مدينة وهران عام ١١٤٥ م. وسوف تأتي ترجمته عند الحديث عن دولته في المقصد الرابع.
(٣) يقصد به جلال الدين السيوطي (١٤٤٥ ـ ١٥٠٥ م) الذي ولد بالقاهرة ونبغ في التفسير ، والحديث ، والفقه ، وعلوم اللغة ، وتجول في الشام ، والحجاز ، واليمن ، والهند ، وبلدان المغرب ، وإفريقيا ما وراء الصحراء ، وألف على ما قيل أكثر من ٥٠٠ كتابا منها : طبقات الحفاظ. وطبقات المفسرين ، وحسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة ، وتحاور شعرا مع العالم التلمساني محمد بن عبد الكريم المغيلي حول المنطق اليوناني ، وذلك خلال تواجدهما في بلاد التكرور بنيجيريا أواخر القرن الخامس عشر الميلادي.