الأبنية العظام ، لقلت يعجز عنه «سور ديب» المفتخير ببناء الأهرام ، ولعجز بالاشتهار ، واصف قصر الجمّ والبديع والأجدار / وسائر بنيانها المرصوص (١) (ص ١٠) ومياهها العذبة المتدفقة التي تعلو للسماء ثم تنبسط على الأرض وتتفرق على الرخام الملون ثم تجتمع في سيح تحت الأرض بالبناء المحكم فتذهب معه للبحر ففيه تنصب وتغوص. ولقد عظمت مساحتها في النفل والفرض. حتى صارت لا تحمى في الطول والعرض فأحاط بها سورها الجديد ببرود شتى فصارت عظيمة العدّ ، والتعديد ومن أين يطيق عدّ ولبة العدس ، أو غيره من الدخنة والعلس. وما خرج عن سورها من البنيان ، فلا يضبطه لسان ، وقول الحافظ الشيخ عبد الرحمان الجامعي في شرحه لرجز الحلفاوي : هي مدينة صغيرة غير ظاهر كما في شروح الحافظ أبي راس لسينيته. وما قيل في مدحها من الكلام ما بين النظم والسجع والنشر فإنه مما لا يضبط بعصر فمن ذلك قول بعض علماء الراشدية الأذكياء ، السادات الكرام الأصفياء وهو العلامة الأجل والقدوة الأبجل ، مؤلف كتاب : فتح وهران النقاد الراوي الخالي من سائر المساوي ، أحد شرفاء غريس الشريف الحسني السيد مصطفى بن عبد الله الدحاوي (٢) في مدحها ومدح
__________________
ـ انظر كتابنا : وهران ، ص ١٤٠ ـ ١٤٢.
(١) قصر الجم من آثار الرومان بوسط بلاد تونس ، والأجدار مدينة أثرية بالجزائر جنوب مدينة تيهرت المشهورة ، وليس هناك اتفاق على تاريخ تأسيسها. أما قصر البديع فيبدو أنه قصر الرياض البديع الذي يقع غرب مدينة قلعة بني حماد وقال عنه ابن خلدون إنه كان من آنق الرياض وأحفلها. حطمه المرينيون عام ٧٠١ ه (١٣٠١ م) انظر الجيلالي. ج ١. ويمكن أيضا أن يكون أراد به قصر البديع الذي أنشأه أحمد المنصور السعدي الذهبي بمراكش عام ١٥٧٨ ، واستغرق بناؤه ١٤ عاما لغاية ١٥٩٤ م.
(٢) اسم المؤلف بالكامل هو : محمد المصطفى بن عبد الله بن زرفة الدحاوي. واسم مؤلفه بالكامل : فتح وهران وجامع الجوامع الحسان. وكان كاتبا لدى الباي محمد بن عثمان الكبير الكردي وعين مساعدا لرئيس رباط إيفري بوهران خلال الحصار الثاني عليها ، عام ١٢٠٦ ه (١٧٩١ ـ ١٧٩٢ م) وكلفه الباي بتسجيل حوادث الفتح كلها ، فسجلها ، وجمعها في كتاب سماه : الرحلة القمرية في السيرة المحمدية ، أتمه في نفس العام ، ونعتقد أنه هو نفسه كتاب : فتح وهران. لأن موضوعهما واحد على ما يبدو. وبعد فتح هذه المدينة وتحريرها ، عين المؤلف قاضيا بها إلى أن توفي بالطاعون عام ١٢١٥ ه (١٨٠٠ ـ ١٨٠١ م) ، ـ