وأيام العرب وأشعارهم ، والأدب والأدباء ونوادرهم ، والبلغاء ومواردهم ومصادرهم ، صاحب اللسان ، حافظا للحديث وفصوله ، بصيرا في الفقه وأصوله ، له خط رايق ، وحفظ فايق ، لا يعادله في فهمه وحفظه سابق ولا لاحق معروفا بجودة النظر وثقوب (كذا) الفهم في جميع الحقائق ، لا نظير له في التمكّن والمعارف وبلوغ الدرجات العليا ، والهمة التي نيطت هامتها بالثّريّا لا يقوم بمعرفة كلامه في التصرّف ومعاني العرفان إلّا من تمكّنت معرفته ، وذاق من طعم الحبّ ما توفرت به مادته. وكان له تصرف في الولاية وكرامات ، وأمور باطنية وخوارق عادات. فله كرامة عجيبة ، وأحوال غريبة ، وكلام موشح بالحكمة في غاية الاقتباس ، وقصائد جليلة مشهورة عند الناس. وكان شديدا على الملحدين ، لين الجانب على المتقين والمرشدين. وصار يضرب به المثل ، حتى إذا بالغ أحد في وصف غيره قال كأنه التازي الأكمل. وإذا امتلأ غيظا ، قال لو كنت في منزلة إبراهيم التازي ما صبرت لهذا ولو لحظا. فهو ممّن أظهره الله / لهداية الخلق ، (ص ٢٢) وألحقه برود المحبّة والمهابة عند الخاصّة والعامّة بالأسبق.
وكان أحسن الناس صوتا وتجويدا ، حتى إنه إذا قرأ البخاري أيّام مجاورته لمكة انحاش (كذا) الناس إليه ويسئلون (كذا) منه مزيدا. وانتشر صيته إلى مشارق الأرض ومغاربها ، ومباعدها ومقاربها ، حتى حدث عنه من يوثق به أنه وجد بمكة المشرفة تأليفا مشتملا على قصائد تتعلق بطريق القوم من تأليف الشيخ المذكور ، ومع ذلك أن بائعه عراقي مشهور (١) وكان الوازعي يقول للطلبة
__________________
(١) لقد أورد الحفناوي في تعريف الخلف حوالي سبع مقطوعات شعرية للشيخ إبراهيم التازي في الوصف ، والمدح ، والتصوف ، بعضها طويلة ، والبعض قصيرة ، ولهذا ليس غريبا أن يوجد كناش له في قصائده الصوفية لدى أحد الباعة في مكة. وله قصيدة مشهورة في التصوف تعرف بالمورداية بدأها بقوله :
مرادي من المولي وغاية آمالي |
|
دوام الرضى والعفو عن سوء أحوالي |
شرحها ممد الصباغ القلعي في القرن العاشر الهجري (١٦ م) وسمى شرحه عليها : شفاء الغليل والفؤاد في شرح النظم الشهير بالمراد. وما يزال مخطوطا ، وقد ترجم للتازي معظم من ترجموا لشيخه الهواري. وهو من بني لنت في تازة بالمغرب الأقصى.