ووقفا ، فلو التقى آخر مسكن منها ، بساكن آخر ، حرك لالتقاء الساكنين. فهذه الحركة التي في ميم : ألم الله ، هي حركة التقاء الساكنين.
والكلام على تفسير : (الم) ، تقدم في أول البقرة ، واختلاف الناس في ذلك الاختلاف المنتشر الذي لا يوقف منه على شيء يعتمد عليه في تفسيره وتفسير أمثاله من الحروف المقطعة.
والكلام على : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) تقدم في آية (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) (١) وفي أول آية الكرسي ، فأغنى ذلك عن إعادته هنا.
وذكر ابن عطية عن القاضي الجرجاني أنه ذهب في النظم إلى أن أحسن الأقوال هنا أن يكون (الم) إشارة إلى حروف المعجم ، كأنه يقول : هذه الحروف كتابك ، أو نحو هذا.
ويدل قوله : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ) على ما ترك ذكره ، مما هو خبر عن الحروف ، قال : وذلك في نظمه مثل قوله : (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) (٢) ترك الجواب لدلالة قوله : (فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ) (٣) عليه ، تقديره : كمن قسا قلبه. ومنه قول الشاعر :
فلا تدفنوني ، إن دفني محرم |
|
عليكم ، ولكن خامري أم عامر |
أي : ولكن اتركوني للتي يقال لها : خامري أم عامر.
قال ابن عطية : يحسن في هذا القول أن يكون نزل خبر قوله : الله ، حتى يرتبط الكلام إلى هذا المعنى الذي ذكره الجرجاني ، وفيه نظر ، لأن مثليته ليست صحيحة الشبه بالمعنى الذي نحا إليه ، وما قاله في الآية محتمل ، ولكن الأبرع في نظم الآية أن يكون (الم) لا يضم ما بعدها إلى نفسها في المعنى ، وأن يكون (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) كلاما مبتدأ جزما ، جملة رادّة على نصارى نجران الذين وفدوا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فحاجوه في عيسى بن مريم ، وقالوا : إنه الله. انتهى كلامه.
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ١٦٣.
(٢) سورة الزمر : ٣٩ / ٢٢.
(٣) سورة الزمر : ٣٩ / ٢٢.