للغروب ، قاله مجاهد. وقال غيره : يحتمل أن يكون أراد بالعشيّ الليل ، وبالإبكار النهار ، فعبر بجزء كل واحد منهما عن جملته ، وهو مجاز حسن.
ومفعول : وسبح ، محذوف للعلم به ، لأن قبله : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً) أي : وسبح ربك. و : الباء في : بالعشي ، ظرفية أي : في العشي.
وقرىء شاذا والابكار ، بفتح الهمزة ، وهو جمع بكر بفتح الباء والكاف ، تقول : أتيتك بكرا ، وهو مما يلتزم فيه الظرفية إذا كان من يوم معين ونظيره : سحر وأسحار ، وجبل وأجبال. وهذه القراءة مناسبة للعشي على قول من جعله جمع عشية إذ يكون فيها تقابل من حيث الجمعية ، وكذلك هي مناسبة إذا كان العشي مفردا ، وكانت الألف واللام فيه للعموم ، كقوله : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ) (١) وأهلك الناس الدينار الصفر.
وأما على قراءة الجمهور : والإبكار ، بكسر الهمزة ، فهو مصدر ، فيكون قد قابل العشي الذي هو وقت ، بالمصدر ، فيحتاج إلى حذف أي : بالعشي ووقت الإبكار. والظاهر في : بالعشي والإبكار ، أن الألف واللام فيهما للعموم ، ولا يراد به عشى تلك الثلاثة الأيام ولا وقت الإبكار فيها.
وقال الراغب : لم يعن التسبيح طرفي النهار فقط ، بل إدامة العبادة في هذه الأيام. وقال غيره : يدل على أن المراد بالتسبيح الصلاة ، ذكره العشي والإبكار فكأنه قال : اذكر ربك في جميع هذه الأيام والليالي ، وصل طرفي النهار. انتهى.
ويتعلق : بالعشي ، بقوله : وسبح ، ويكون على إعمال الثاني وهو الأولى ، إذ لو كان متعلقا بقوله : واذكر ربك ، لأضمر في الثاني ، إذ لا يجوز حذفه إلا في ضرورة.
قيل : أو في قليل من الكلام ، ويحتمل أن لا يكون من باب الإعمال ، فيكون الأمر بالذكر غير مقيد بهذين الزمانين.
قيل : وتضمنت هذه الآية من فنون الفصاحة أنواعا : الزيادة في البناء في قوله : هنالك ، وقد ذكرت فائدته و : التكرار ، في ربه ، قال رب ، وفي أن الله يبشرك ، وبكلمة من الله. وفي آية قال : آيتك ، وفي : يكون لي غلام وكانت وتأنيث المذكر حملا على اللفظ
__________________
(١) سورة العصر : ١٠٣ / ٢.