أن يكون السامع من أهل الإسلام ، وبيّنه قولهم : (لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) فجمع الأمّيين وهم اتباع النبي الأمي.
وقرأ أبي بن كعب : تئمنه ، في الحرفين ، و : تئمنا ، في يوسف. وقرأ ابن مسعود ، والأشهب العقيلي ، وابن وثاب : تيمنه ، بتاء مكسورة وياء ساكنة بعدها ، قال الداني : وهي لغة تميم. وأما إبدال الهمزة ياء في : تئمنه ، فلكسرة ما قبلها كما أبدلوا في بئر.
وقد ذكرنا الكلام على حروف المضارعة من : فعل ، ومن : ما أوله همزة وصل عند الكلام على قوله (نَسْتَعِينُ) (١) فأغنى عن إعادته.
وقال : ابن عطية ، حين ذكر قراءة أبي : وما أراها إلّا لغة : قرشية ، وهي كسر نون الجماعة : كنستعين ، وألف المتكلم ، كقول ابن عمر : لا إخاله ، وتاء المخاطب كهذه الآية ، ولا يكسرون الياء في الغائب ، وبها قرأ أبي في : تئمنه. انتهى. ولم يبين ما يكسر فيه حروف المضارعة بقانون كلي ، وما ظنه من أنها لغة قرشية ليس كما ظنّ. وقد بينا ذلك في (نَسْتَعِينُ) (٢) وتقدّم تفسير : القنطار ، في قوله : (وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ) (٣).
وقرأ الجمهور : يؤده ، بكسر الهاء ووصلها بياء. وقرأ قالون باختلاس الحركة ، وقرأ أبو عمرو ، وأبو بكر ، وحمزة ، والأعمش بالسكون. قال أبو إسحاق : وهذا الإسكان الذي روي عن هؤلاء غلط بيّن ، لأن الهاء لا ينبغي أن تجزم ، وإذا لم تجزم فلا يجوز أن تسكن في الوصل. وأما أبو عمرو فأراه كان يختلس الكسرة ، فغلط عليه كما غلط عليه في : بارئكم ، وقد حكى عنه سيبويه ، وهو ضابط لمثل هذا ، أنه كان يكسر كسرا خفيفا. انتهى كلام ابن إسحاق. وما ذهب إليه أبو إسحاق من أن الإسكان غلط ليس بشيء ، إذ هي قراءة في السبعة ، وهي متواترة ، وكفى أنها منقولة من إمام البصريين أبي عمرو بن العلاء. فإنه عربي صريح ، وسامع لغة ، وإمام في النحو ، ولم يكن ليذهب عنه جواز مثل هذا.
وقد أجاز ذلك الفراء وهو إمام في النحو واللغة. وحكى ذلك لغة لبعض العرب تجزم في الوصل والقطع.
وقد روى الكسائي أن لغة عقيل وكلاب : أنهم يختلسون الحركة في هذه الهاء إذا كانت بعد متحرك ، وأنهم يسكنون أيضا. قال الكسائي : سمعت أعراب عقيل وكلاب
__________________
(٢ ـ ١) سورة الفاتحة : ١ / ٢.
(٣) سورة آل عمران : ٣ / ١٤.