وقول الزمخشري : فجواب : أخذ الله ميثاق النبيين هو لتؤمنن به ، والضمير في : به ، عائد على رسول ، ويجوز الفصل بين القسم والمقسم عليه بمثل هذا الجار والمجرور ، لو قلت : أقسمت للخبر الذي بلغني عن عمرو لأحسنن إليه ، جاز. وأجاز الزمخشري ، في قراءة حمزة ، أن تكون : ما ، مصدرية ، وبدأ به في توجيه هذه القراءة ، قال : ومعناه لأجل إيتائي إياكم بعض الكتاب والحكمة ، ثم لمجيء رسول مصدّق لما معكم لتؤمنن به ، على أن : ما ، مصدرية ، والفعلان معها أعني : آتيناكم وجاءكم ، في معنى المصدرين ، واللام داخلة للتعليل على معنى : أخذ الله ميثاقهم ليؤمنن بالرسول ولينصرنه لأجل أن آتيتكم الحكمة ، وأن الرسول الذي أمرتكم بالإيمان به ونصرته موافق لكم غير مخالف. انتهى كلامه. إلّا أن ظاهر هذا التعليل الذي ذكره ، وهذا التقدير الذي قدره ، أنه تعليل للفعل المقسم عليه ، فإن عنى هذا الظاهر فهو مخالف لظاهر الآية ، لأن ظاهر الآية يقتضي أن يكون تعليلا لأخذ الميثاق لا لمتعلقه ، وهو الإيمان. فاللام متعلقة بأخذ ، وعلى ظاهر تقدير الزمخشري تكون متعلقة بقوله : لتؤمنن به ، ويمتنع ذلك من حيث إن اللام المتلقى بها القسم لا يعمل ما بعدها فيما قبلها. تقول : والله لأضربن زيدا ، فلا يجوز : والله زيدا لاضربن ، فعلى هذا لا يجوز أن تتعلق اللام في : لما ، بقوله : لتؤمنن به.
وقد أجاز بعض النحويين في معمول الجواب ، إذا كان ظرفا أو مجرورا ، تقدّمه ، وجعل من ذلك عوض لا نتفرق ، وقوله تعالى : (عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ) (١) فعلى هذا يجوز أن تتعلق بقوله : لتؤمنن به ، وفي هذه المسألة تفصيل يذكر في علم النحو.
وذكر السجاوندي ، عن صاحب النظم : أن هذه اللام في قراءة حمزة هي بمعنى : بعد ، كقول النابغة :
توهمت آيات لها فعرفتها |
|
لستة أعوام وذا العام سابع |
فعلى ذا لا تكون اللام في : لما ، للتعليل.
وأمّا توجيه قراءة سعيد بن جبير ، والحسن : لما ، فقال أبو إسحاق : أي لما آتاكم الكتاب والحكمة أخذ الميثاق ، وتكون : لما ، تؤول إلى الجزاء كما تقول : لما جئتني أكرمتك. انتهى كلامه.
__________________
(١) سورة المؤمنون : ٢٣ / ٤٠.