على ظاهره؟ أم هو على حذف مضاف؟ أم هو مما حذف بعد النبيين وتقديره ميثاق النبيين على أممهم؟ لم يكتف بأخذ الميثاق حتى استنطقه بالإقرار بالإيمان به والنصرة له.
قيل : ويحتمل أن يكون الضمير في : قال ، على كل فرد فرد من النبيين ، أي : قال كل نبي لأمته ، أأقررتم ، ومعنى هذا القول على هذا الاحتمال الإثبات والتأكيد ، لم يقتصروا على أخذ الميثاق على الأمم ، بل طالبوهم بالإقرار بالقبول.
ويكون : إصري ، على الظاهر مضافا إلى الله تعالى ، وعلى هذا القول الثاني يكون مضافا إلى النبي والإصر : العهد لأنه مما يؤصر أي يشدّ ويعقد. وقرىء بضم الهمزة ، وهي مروية عن أبي بكر عن عاصم ، فيحتمل أن يكون ذلك لغة في : أصر ، كما قالوا : ناقة أسفار عبر ، وعبر أسفار ، وهي المعدّة للأسفار. ويحتمل أن يكون جمعا لإصار ، كإزار وأزر ومعنى الأخذ هنا : القبول.
(قالُوا أَقْرَرْنا) معناه أقررنا بالإيمان به وبنصرته ، وقبلنا ذلك والتزمناه. وثم جملة محذوفة أي : أقررنا وأخذنا على ذلك الإصر ، وحذفت لدلالة ما تقدم عليها.
(قالَ فَاشْهَدُوا) الظاهر أنه تعالى قال للنبيين المأخوذ عليهم الميثاق : فاشهدوا ، ومعناه من الشهادة أي : ليشهد بعضكم على بعض بالإقرار وأخذ الإصر ، قاله مقاتل. وقيل : فاشهدوا هو خطاب للملائكة ، قاله ابن المسيب. وقيل : معنى : فاشهدوا ، بينوا هذا الميثاق للخاص والعام لكيلا يبقى لأحد عذر في الجهل به ، وأصله : أن الشاهد هو الذي يبين صدق الدعوى ، قاله الزجاج ، ويكون : اشهدوا ، بمعنى : أدّوا ، لا بمعنى : تحملوا. وقيل : معناه استيقنوا ما قررته عليكم من هذا الميثاق وكونوا فيه كالمشاهد للشيء المعاين له ، قاله ابن عباس. وقيل : فاشهدوا ، خطاب للأنبياء إذا قلنا : إن أخذ الميثاق كان على أتباعهم أمروا بأن يكونوا شاهدين على أممهم ، وروي هذا عن عليّ بن أبي طالب.
وعلى القول : بأن المعنى في : قال أأقررتم ، أي : قال كل نبي ، يكون المعنى على كل نبي لأمّته فاشهدوا ، أي : ليشهد بعضكم على بعض. وقوله : فاشهدوا ، معطوف على محذوف التقدير ، قال : أأقرتم فاشهدوا ، فالفاء دخلت للعطف. ونظير ذلك قوله : ألقيت زيدا؟ قال : لقيته! قال : فأحسن إليه. التقدير : لقيت زيدا فاحسن إليه ، فما فيه الفاء بعض المقول ، ولا يجوز أن يكون كل المقول لأجل الفاء ، ألا ترى قال : أأقررتم ، وقوله : قالوا أقررنا؟ لما كان كل المقول لم تدخل بالفاء.