ونصب طائفة على أن تكون المسألة من باب الاشتغال على هذا التقدير من الإعراب جائز. ويجوز أن يكون قد أهمتهم في موضع الصفة ، ويظنون الخبر. ويجوز أن يكون الخبر محذوفا ، والجملتان صفتان ، التقدير : ومنكم طائفة. ويجوز أن يكون يظنون حالا من الضمير في أهمتهم ، وانتصاب غير الحق. قال أبو البقاء : على أنه مفعول أول لتظنون ، أي أمرا غير الحق ، وبالله الثاني. وقال الزمخشري : غير الحق في حكم المصدر ، ومعناه : يظنون بالله ظن الجاهلية ، وغير الحق تأكيد ليظنون كقولك : هذا القول غير ما تقول ، وهذا القول لا قولك ، انتهى. فعلى هذا لم يذكر ليظنون مفعولين ، وتكون الباء ظرفية كما تقول : ظننت بزيد. وإذا كان كذلك لم تتعد ظننت إلى مفعولين ، وإنما المعنى : جعلت مكان ظني زيدا. وقد نص النحويون على هذا. وعليه :
فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج |
|
سراتهم في السائريّ المسرد |
أي : اجعلوا مكان ظنكم ألفي مدجج. وانتصاب ظن على أنه مصدر تشبيهي ، أي : ظنا مثل ظن الجاهلية. ويجوز في : يقولون أن يكون صفة ، أو حالا من الضمير في يظنون ، أو خبرا بعد خبر على مذهب من يجيز تعداد الأخبار في غير ما اتفقوا على جواز تعداده. ومن شيء في موضع مبتدأ ، إذ من زائدة ، وخبره في لنا ، ومن الأمر في موضع الحال ، لأنه لو تأخر عن شيء لكان نعتا له ، فيتعلق بمحذوف. وأجاز أبو البقاء أن يكون من الأمر هو الخبر ، ولنا تبيين وبه تتم الفائدة كقوله تعالى : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) (١) وهذا لا يجوز : لأن ما جاء للتبيين العامل فيه مقدر ، وتقديره : أعني لنا هو من جملة أخرى ، فيبقى المبتدأ والخبر جملة لا تستقل بالفائدة ، وذلك لا يجوز. وأما تمثيله بقوله : ولم يكن له كفوا أحد فهما لا سواء ، لأن له معمول لكفوا ، وليس تبيينا. فيكون عامله مقدرا ، والمعنى : ولم يكن أحد كفوا له ، أي مكافيا له ، فصار نظير لم يكن له ضار بالعمرو ، فقوله : لعمرو ليس تبيينا ، بل معمولا لضارب. وقرأ الجمهور كله بالنصب تأكيدا للأمر. وقرأ أبو عمر : وكله على أنه مبتدأ ، ويجوز أن يعرب توكيدا للأمر على الموضع على مذهب من يجيز ذلك وهو : الجرمي ، والزجاج ، والفراء. قال ابن عطية : ورجح الناس قراءة الجمهور ، لأن التأكيد أملك بلفظة كلّ انتهى. ولا ترجيح ، إذ كل من القراءتين متواتر ، والابتداء بكل كثير في لسان العرب.
__________________
(١) سورة الإخلاص : ١١٢ / ٤.