متم ، وكسر الباقون. والضم أقيس وأشهر. والكسر مستعمل كثيرا وهو شاذ في القياس ، جعله المازني من فعل يفعل ، نظير دمت تدوم ، وفضلت تفضل ، وكذا أبو علي ، فحكما عليه بالشذوذ. وقد نقل غيرهما فيه لغتين إحداهما : فعل يفعل ، فتقول مات يموت. والأخرى : فعل يفعل نحو مات يمات ، أصله موت. فعلى هذا ليس بشاذ ، إذ هو مثل خاف يخاف ، فأصله موت يموت. فمن قرأ بالكسر فعلى هذه اللغة ولا شذوذ فيه ، وهي لغة الحجاز يقولون : متم من مات يمات قال الشاعر :
عيشي ولا تومي بأن تماتي
وسفلى مضر يقولون : متّم بضم الميم من مات يموت ، نقله الكوفيون. وقرأ الجمهور : تجمعون بالتاء على سياق الخطاب في قوله : ولئن قتلتم. وقرأ قوم منهم حفص عن عاصم بالياء ، أي مما يجمعه الكفار المنافقون وغيرهم.
(وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) هذا خطاب عام للمؤمن والكافر. أعلم فيه أن مصير الجميع إليه ، فيجازي كلا بعمله ، هكذا قال بعضهم. وكأنه لما رأى الموت والقتل أطلقا ولم يقيدا بذكر سبيل الله كما قيدا في الآية ، فهم أنّ ذلك عام. والظاهر أنّه خطاب للمؤمنين كالخطاب السابق ، ولذلك قدره الزمخشري : لإلى الرّحيم الواسع الرحمة المميت العظيم الثواب تحشرون. قال : ولوقوع اسم الله هذا الموقع مع تقديمه وإدخال اللام على الحرف المتصل به سيان ليس بالخفي انتهى. يشير بذلك إلى مذهبه : من أن التقديم يؤذن بالاختصاص ، فكان المعنى عنده : فإلى الله لا غيره تحشرون. وهو عندنا لا يدل بالوضع على ذلك ، وإنما يدل التقديم على الاعتناء بالشيء والاهتمام بذكره ، كما قال سيبويه : وزاده حسنا هنا أنّ تأخر الفعل هنا فاضلة ، فلو تأخر المجرور لفات هذا الغرض وتضمنت الآية تحقير أمر الدنيا والحرص على الشهادة ، وأنّ مصير العالم كلهم إلى الله ، فالموافاة على الشهادة أمثل بالمرء ليحرز ثوابها ويجده وقت الحشر. وقدّم الموت هنا على القتل لأنها آية وعظ بالآخرة والحشر ، وتزهيد في الدنيا والحياة ، والموت فيها مطلق لم يقيد بشيء. فإما أن يكون الخطاب مختصا بمن خوطب قبل أو عاما واندرج أولئك فيه ، فقدّم لعمومه ، ولأنه أغلب في الناس من القتل ، فهذه ثلاثة مواضع. ما ماتوا وما قتلوا : فقدم الموت على القتل لمناسبة ما قبله من قوله : (إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى) (١)
__________________
(١) سورة آل عمران : ٣ / ١٥٦.