الأموال ، بما يقع فيها من المصائب والذهاب والإنفاق في سبيل الله وفي تكاليف الشرع ، والابتلاء في النفس بالشهوات أو الفروض البدنية أو الأمراض ، أو فقد الأقارب والعشائر ، أو بالقتل والجراحات والأسر ، وأنواع المخاوف أقوال. وقدم الأموال على الأنفس على سبيل الترقي إلى الأشرف ، أو على سبيل الكثرة. لأنّ الرّزايا في الأموال أكثر من الرّزايا في الأنفس. والأذى : اسم جامع في معنى الضرر ، ويشمل أقوالهم في الرسول وأصحابه ، وفي الله تعالى وأنبيائه. والمطاعن في الدين وتخطئة من آمن ، وهجاء كعب وتشبيبه بنساء المؤمنين.
(وَإِنْ تَصْبِرُوا) على ذلك الابتلاء وذلك السماع.
(وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ) أي فإن الصبر والتقوى.
(مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) قيل : من أشدها وأحسنها. والعزم : إمضاء الأمر المروّى المنقح. وقال النقاش : العزم والحزم بمعنى واحد ، الحاء مبدلة من العين. قال ابن عطية : وهذا خطأ. الحزم جودة النظر في الأمر ، ونتيجته الحذر من الخطأ فيه. والعزم قصد الإمضاء ، والله تعالى يقول : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ) (١) فالمشاورة وما كان في معناها هو الجزم. والعرب تقول : قد أحزم لو أعزم. وقال الزمخشري : من عزم الأمور من معزومات الأمور. أي : مما يجب عليه العزم من الأمور. أو مما عزم الله أن يكون ، يعني : أن ذلك عزمة من عزمات الله لا بد لكم أن تصبروا وتتقوا. وقيل : من عزم الأمور من جدها. وقال مجاهد في قوله : فإذا عزم الأمر ، أي فإذا وجد الأمر (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ) هم اليهود أخذ عليهم الميثاق في أمر الرسول صلىاللهعليهوسلم فكتموه ونبذوه قاله : ابن عباس ، وابن جبير ، والسدي ، وابن جريج. وقال قوم : هم اليهود والنصارى. وقال الجمهور : هي عامة في كل من علمه الله علما ، وعلماء هذا الأمة داخلون في هذا الميثاق. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر : بالياء فيهما على الغيبة ، إذ قبله الذين أوتوا الكتاب وبعده فنبذوه. وقرأ باقي السبعة : بالتاء للخطاب ، وهي كقوله : (لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ) (٢) قرىء بالتاء والياء ، والظاهر عود الضمير إلى الكتاب. وقيل : هو للنبي صلىاللهعليهوسلم. وقيل : للميثاق. وقيل : للإيمان بالرسول لقوله :
__________________
(١) سورة آل عمران : ٣ / ١٥٩.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ٨٣.