بضرب بالسيوف رؤوس قوم |
|
أزلنا هامهن عن المقيل |
وهذا على مذهب البصريين إذ أجازوا إعمال المصدر المنون. وإلى أنّ طولا مفعول ليستطع ، وإن ينكح في موضع مفعول بقوله : طولا ، إذ هو مصدر. ذهب أبو علي في التذكرة ، وأجازوا أيضا أن يكون أن ينكح بدلا من طول ، قالوا : بدل الشيء من الشيء ، وهما لشيء واحد ، لأن الطول هو القدرة والنكاح قدرة. وأجازوا أن يكون مفعول يستطع قوله : أن ينكح. وفي نصب قوله : طولا وجهان : أحدهما : أن يكون مفعولا من أجله على حذف مضاف ، أي : ومن لم يستطع منكم لعدم طول نكاح المحصنات. والثاني : قاله : ابن عطية. قال : ويصح أن يكون طولا نصب على المصدر ، والعامل فيه الاستطاعة ، لأنها بمعنى يتقارب. وأن ينكح على هذا مفعول بالاستطاعة ، أو بالمصدر انتهى كلامه. وكأنه يعني أنّ الطول هو استطاعة ، فيكون التقدير : ومن لم يستطع منكم استطاعة أن ينكح.
وما من قوله : فمما ملكت ، موصولة اسمية أي : فلينكح من النوع الذي ملكته أيمانكم. ومن فتياتكم : في موضع الحال من الضمير المحذوف في ما ملكت ، العائد على ما. ومفعول الفعل المحذوف الذي هو فلينكح محذوف ، التقدير : فلينكح أمة مما ملكت أيمانكم. ومن للتبعيض ، نحو : أكلت من الرغيف. وقيل : من في من ما زائدة ، ومفعول ذلك الفعل هو ما من قوله : ما ملكت أيمانكم. وقيل : مفعوله فتياتكم على زيادة من. وقيل : مفعوله المؤمنات ، والتقدير : فلينكح مما ملكت أيمانكم من فتياتكم الفتيات المؤمنات. والأظهر أن المؤمنات صفة لفتياتكم. وقيل : ما مصدرية التقدير ، من ملك إيمانكم. وعلى هذا يتعلق من فتياتكم بقوله : ملكت.
ومن أغرب ما سطروه في كتب التفسير ونقلوه عن قول الطبري : أنّ فاعل ذلك الفعل المحذوف هو قوله : (بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) (١) وفي الكلام تقديم وتأخير. والتقدير : ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فلينكح بعضهم من بعض الفتيات ، وهذا قول ينزه حمل كتاب الله عليه ، لأنه قول جمع الجهل بعلم النحو وعلم المعاني ، وتفكيك نظم القرآن عن أسلوبه الفصيح ، فلا ينبغي أن يسطر ولا يلتفت إليه. ومنكم : خطاب للناكحين ، وفي : أيمانكم من فتياتكم خطاب للمالكين ، وليس المعنى أن الرجل ينكح فتاة نفسه ، وهذا التوسع في اللغة كثير.
__________________
(١) سورة النساء : ٤ / ٢٥.