تشميت العاطس ، والرد على المشمت. وضعف ابن عطية وغيره من أصحاب مالك هذا القول. قال ابن عطية : لأنه ليس في الكلام على ذلك دلالة. أما أنّ الرد على المشمت مما يدخل بالقياس في معنى رد التحية ، وهذا هو منحى مالك إن صح ذلك ، انتهى. وذهب قوم إلى أنّ المراد بالتحية هنا الهداية واللطف ، وقال : حق من أعطى شيئا من ذلك أن يعطى مثله أو أحسن منه. قال ابن خويز منداد : يجوز أن تحمل هذه الآية على الهبة إذا كانت للثواب ، وقد شحن بعض الناس تأليفه هنا بفروع من أحكام القتال والسلام ، وتشميت العاطس ، والهدايا ، وموضوعها علم الفقه ، وذكروا أيضا في ما يدخل في التحية مقارنا للسلام ، واللقاء والمصافحة ، وأن الرسول صلىاللهعليهوسلم أمر بها وفعلها مع السلام والمعانقة ، وأول من سنها ابراهيم عليهالسلام ، والقبلة. وعن الحسن في قوله تعالى : (رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) (١) قال : كان الرجل يلقى أخاه فما يفارقه حتى يلزمه ويقبله. وعن عليّ قبلة الولد رحمة ، وقبلة المرأة شهوة ، وقبلة الوالدين برّ ، وقبلة الأخ دين ، وقبلة الإمام العادل طاعة ، وقبلة العالم إجلال الله تعالى. قال القشيري : في الآية تعليم لهم حسن العشرة وآداب الصحبة ، وأنّ من حملك فضلا صار ذلك في ذمتك قرضا ، فإن زدت على فعله وإلا فلا تنقص عن مثله.
(إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً) أي : حاسبا من الحساب ، أو محسبا من الاحساب ، وهو الكفاية. فإما فعيل للمبالغة ، وإما بمعنى مفعل.
وتضمنت هذه الآيات من البيان والبديع أنواعا الالتفات في قوله : فما أرسلناك. والتكرار في : من يطع فقد أطاع ، وفي : بيت ويبيتون ، وفي : اسم الله في مواضع ، وفي : أشد ، وفي : من يشفع شفاعة. والتجنيس المماثل في : يطع وأطاع ، وفي : بيت ويبيتون ، وفي : حييتم فحيوا. والمغاير في : وتوكل ووكيلا ، وفي : من يشفع شفاعة ، وفي : وإذا حييتم بتحية. والاستفهام المراد به الإنكار في : أفلا يتدبرون. والطباق في : من الأمن أو الخوف ، وفي : شفاعة حسنة وشفاعة سيئة. والتوجيه في : غير الذي تقول. والاحتجاج النظري ويسمى المذهب الكلامي في : ولو كان من عند غير الله. وخطاب العين والمراد به الغير في : فقاتل. والاستعارة في : في سبيل الله ، وفي : أن يكف بأس. وافعل في : غير المفاضلة في أشد. وإطلاق كل على بعض في : بأس الذين كفروا واللفظ مطلق والمراد بدر الصغرى. والحذف في عدة مواضع تقتضيها الدلالة.
__________________
(١) سورة الفتح : ٤٨ / ٢٩.