ونقول :
قد تقدم في الفصل السابق ، بعض وصاياه «صلى الله عليه وآله» بأسرى بني قريظة. وإنما أعدنا بعضه هنا لاقتضاء المناسبة له ، وهو قصة نباش بن قيس.
ونسجل هنا ما يلي :
١ ـ إننا لا نكاد نصدق قوله : ولو خلاني ما تأخرت عن موطن قتل فيه قومي الخ .. حيث إننا نلحظ مزيدا من الاهتمام بإضفاء صفة الشجاعة والبطولة والعنفوان لدى هؤلاء الخونة. كما سنرى.
٢ ـ إننا قد أشرنا إلى وجود بعض الريب في أن تكون غزوة بني قريظة قد حصلت في الصيف ، فراجع ما ذكرناه في غزوة الخندق في الجزء العاشر من هذا الكتاب.
٣ ـ إن وصايا الرسول «صلى الله عليه وآله» بالأسرى هنا ، وقوله في مورد آخر عن بني قريظة ، الذين خانوا عهده ومالأوا عدوه : «اسقوهم العذب ، وأطعموهم الطيب ، وأحسنوا أسارهم» (١) ،
إن هذه الوصايا لا تتناقض أبدا مع قتل بني قريظة ، فالقتل هو حكم شرعي إلهي لا بد من إطاعته وتنفيذه في حقهم. أما إساءة المعاملة للأسير ، فتعتبر تعديا على الأسير ، وعلى شخصيته. ويعتبر الإحسان إليه هو الواجب الخلقي ، الذي لا بد من القيام به ، حتى بالنسبة للمحكومين بحكم يصل إلى هذه الدرجة.
__________________
(١) تفسير القمي ج ٢ ص ١٩٢ والبحار ج ٢٠ ص ٢٣٨.