الثانية : إن التجاء حيي بن أخطب إلى القدر والقضاء لتبرير ما يتعرض له هو وبنو قريظة ليس له ما يبرره ، إلا محاولة التبرير والتزوير للحقيقة. ومحاولة التنصل من المسؤولية ، بإلقاء اللوم على الله سبحانه ، الذي لم يأمره بأن يتآمر ، وينقض العهود والمواثيق ، ولا طلب منه ومنهم أن يواجهوا نبيهم بالحرب ، وهم يعرفون صدقه ، وصحة نبوته كما يعرفون أبناءهم ، ويجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل.
وإذا كان لكلام حيي هذا أساس من الصحة ، فصحته تكمن في أنه يبين أن الله سبحانه قد قدّر على الباغي ، والناكث ، والمكذب للصادقين ، وقتلة الأنبياء : أن يقتلوا جزاء ذلك البغي والنكث والتكذيب.
الثالثة : إننا نرجح أن يكون حيي بن أخطب نفسه هو الذي قال : لعمرك ما لام ابن أخطب نفسه ولكنه الخ .. كما ذكر البعض (١).
بل ذكرت بعض النصوص : أن عليا «عليه السّلام» سأل الذي جاء بحيي للقتل : ما كان يقول وهو يقاد إلى الموت؟
فقال : كان يقول :
لعمرك ما لام ابن أخطب نفسه |
|
ولكنه من يخذل الله يخذل |
فجاهد حتى أبلغ النفس جهدها |
|
وحاول يبغي العز كل مقلقل (٢) |
__________________
(١) تفسير القمي ج ٢ ص ١٩١ و ١٩٢ والبحار ج ٢٠ ص ٢٣٧ وفي دلائل النبوة للبيهقي ج ٤ ص ٢٣ قال : «وبعض الناس يقول : حيي بن أخطب قالها» وكذا في الإصابة ج ١ ص ٢٢٢.
(٢) البحار ج ٢٠ ص ٢٦٣ وكشف الغمة ج ١ ص ٢٠٩ والإرشاد للمفيد ص ٢٦٥.