كذلك. بل قد اختلف العلماء في هذا الخبر ، فمنهم من يحمله على ظاهره ، ومنهم من يجنح فيه إلى التأويل. وما كانت هذه سبيله من الأخبار المشكلة فمن الناس من يكره روايته ، إذا لم يتعلق به حكم شرعي ، فلعل الكراهة المروية عن مالك من هذا الوجه» (١).
وقال ابن رشد في شرح العينية : إنما نهى مالك لئلا يسبق إلى وهم الجاهل : أن العرش إذا تحرك يتحرك الله بحركته ، كما يقع للجالس منا على كرسيه ، وليس العرش بموضع استقرار الله ، تبارك الله وتنزه عن مشابهة خلقه (٢).
قال العسقلاني : «الذي يظهر : أن مالكا ما نهى عنه لهذا ، إذ لو خشي من هذا لما أسند في الموطأ حديث ينزل الله إلى سماء الدنيا ، لأنه أصرح في الحركة من اهتزاز العرش.
ومع ذلك فمعتقد سلف الأئمة ، وعلماء السنة : أن الله منزه عن الحركة ، والتحول ، والحلول ، ليس كمثله شيء.
ويحتمل الفرق بأن حديث سعد ما ثبت عنده ، فأمر بالكف عن التحدث به ، بخلاف حديث النزول ، فإنه ثابت ، فرواه ، ووكل أمره إلى فهم أولي العلم ، الذين يسمعون في القرآن : (.. اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ..)(٣) ، ونحو ذلك.
وقد جاء حديث اهتزاز العرش لسعد بن معاذ عن عشرة من الصحابة ، أو
__________________
(١) عيون الأثر ج ٢ ص ٧٧ و ٧٨.
(٢) فتح الباري ج ٧ ص ٩٤.
(٣) الآية ٥٤ من سورة الأعراف والآية ٣ من سورة يونس والآية ٢ من سورة الرعد والآية ٥٩ من سورة الفرقان والآية ٤ من سورة السجدة والآية ٤ من سورة الحديد.