جماعة من المهاجرين إلى سنان فقالوا : اعف عن جهجاه. ففعل فسكنت الفتنة وانطفأت نائرة الحرب.
زاد الحلبي وغيره قوله : فخرج رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، فقال : ما بال دعوى الجاهلية ، فأخبر بالحال ، فقال : دعوها ، فإنها منتنة.
أو قال : من دعا دعوى الجاهلية كان من محشي جهنم.
قيل له : وإن صام وصلى ، وزعم أنه مسلم؟
قال : وإن صام وصلى ، وزعم أنه مسلم.
وقال «صلى الله عليه وآله» : لينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما ، إن كان ظالما فلينهه ، فإنه ناصر ، وإن كان مظلوما فلينصره (١).
فسمع عبد الله بن أبي بالأمر فغضب وعنده رهط من قومه ، فيهم زيد بن أرقم ، ذو الأذن الواعية ، وهو غلام حديث السن.
فقال ابن أبي : أفعلوها؟ قد نافرونا ، وكاثرونا في بلادنا؟!
وقال : ما صحبنا محمدا إلا لنلطم؟ والله ، ما مثلنا ومثلهم إلا كما قال : سمن كلبك يأكلك.
أما والله ، لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. يقصد بالأعز نفسه ، وبالأذل رسول الله «صلى الله عليه وآله».
ثم أقبل على من حضر من قومه ، فقال : هذا ما فعلتم بأنفسكم ، أحللتموهم بلادكم ، وقاسمتموهم أموالكم! أما والله ، لو أمسكتم عن جعال وذويه فضل الطعام لم يركبوا رقابكم ، ولتحولوا إلى غير بلادكم. فلا تنفقوا
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٨٦.