ونقول :
أولا : إننا لا نستطيع أن نصدق بأنه «صلى الله عليه وآله» قد قال لابن أبي ، وهو على فراش الموت ، ومن دون أي موجب : أجزعا يا عدو الله الآن. فإن أخلاق النبي «صلى الله عليه وآله» ، وسياسته لا تنسجم مع هذه القسوة البالغة ، حتى مع المنافقين ، لا سيما ، وأن ابن أبي هو الذي طلب من النبي «صلى الله عليه وآله» الحضور.
ثانيا : إن هذه القضية تؤيد كون قصة ابن أبي ، وقوله : (لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ) ، إنما كان في غزوة تبوك كما قيل (١) ، وهي في السنة التاسعة ، سنة موت ابن أبي (٢).
وقد تقدم قولهم بعد ذكرهم لتلك الحادثة مع زيد : ولم يلبث ابن أبي إلا أياما قلائل ، حتى اشتكى ومات (٣).
فإذا كان قد مات في التاسعة ، فلا بد أن تكون الحادثة أيضا في السنة التاسعة ، وذلك يدل على أن الحادثة قد كانت في غزوة تبوك.
لكن الحلبي بعد أن ذكر القول : بأن هذه الحادثة قد كانت في غزوة
__________________
(١) راجع : الجامع الصحيح ج ٥ ص ٤١٧ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٨٦ و ٢٨٧ والإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج ١ ص ٥٥٧ وفتح الباري ج ٨ ص ٤٩٤ عن النسائي ، عن زيد بن أرقم. وعن عبد بن حميد بسند صحيح عن سعيد بن جبير ، والدر المنثور ج ٦ ص ٢٢٤ عن عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم.
(٢) راجع : تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٧٣.
(٣) تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٧٣ عن المدارك ومعالم التنزيل ، وبهجة المحافل ج ١ ص ٢٤٤.