المعرفة والوعي واليقين.
ومن جهة ثانية : فإن قتل ابن أبي قد يتسبب في حدوث مشاكل كبيرة ، وتشنجات خطيرة ، كما أشار إليه «صلى الله عليه وآله» في ما أجاب به عمر بن الخطاب ، الذي حرضه على قتله ، وعين له حتى من يتولى ذلك من المسلمين!! حيث قال له :
«إني والله لو قتلته يوم قلت ، لأرعدت له أنوف لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته».
بل لقد نصت الروايات المتقدمة على أن قوم ابن أبي أنفسهم قد بدأوا يضيقون ذرعا بابن أبي وتصرفاته ، وصاروا يلومونه ويعنفونه على ما بدر منه.
فقضية ابن أبي إذن لم تعد قضية شخص صدر منه ما يوجب الحد ، بل هي قد تطورت لتلحق آثارها بالإسلام وبالمسلمين ، وحتى على المدى البعيد أيضا. والنبي «صلى الله عليه وآله» يعرف متى يحق له أن يصرف النظر عن إقامة حد على من يستحقه ، إذا رأى ما يقتضي ذلك.
والأمر الغريب هنا : أننا نجد عمر بن الخطاب يصر على النبي «صلى الله عليه وآله» بقتل هذا الرجل ، رغم أنه «صلى الله عليه وآله» قد أخبره بأن قتله يوجب خللا في الواقع القائم ، ويعتبر خطأ فاحشا حينما قال له : إذن ترعد آنف كثيرة بيثرب.
فيتجاهل عمر هذا التوضيح والتصريح ، ويقول له : إن كرهت أن يقتله مهاجري ، فأمر أنصاريا.
مع أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد أوضح له أن نفس القتل هو الذي سوف يفسد الأمور ، ولم تكن المشكلة تكمن في من يقتله ، ولو كانت